للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتفرّج على الأهرام وتعجّب من بنائها. -[ولما كثر الاضطراب بالقاهرة ضيّقت الناس أبوابها الكبار وجعلوها خوخا صغارا (١)، لا يدخل منها فرس ولا راكب] (٢). - وفى يوم الأربعاء سابع عشرة نادوا فى القاهرة بإبطال الفلوس العتق، وضربوا للناس فلوسا جددا كل اثنين بدرهم ونصف، وعليهم اسم سليم شاه، فكانوا فى غاية الخفة، فتضرّروا الناس منها إلى الغاية.

وفى أثناء هذا الشهر كانت وفاة صاحبنا الناصرى محمد بن الأشقر شيخ الشيوخ بخانقة سرياقوس، وكان أصيلا عريقا من ذوى البيوت، وكان والده القاضى محب الدين ابن الأشقر، ولى نظارة الجيش وكتابة السر بالديار المصرية، وكان من أعيان الرؤساء (٣) رحمة الله عليه، فمات وله من العمر فوق الثمانين سنة، وكان عنده لين جانب مع تواضع زائد، وكان أسمر اللون جدا لأن أمه كانت جارية حبشية مستولدة ابن الأشقر.

ومن هنا نرجع إلى أخبار السلطان طومان باى، فإنه لما تلاقى (٤) مع عسكر ابن عثمان على المناوات، وقيل بوردان، فانكسر عسكر السلطان طومان باى كما تقدم القول على ذلك، فلما انكسر توجه إلى نحو تروجة بالغربية فلاقاه حسن بن مرعى وابن أخيه شكر مشايخ البحيرة فى ضيعة تسمى البوطة، فعزم حسن بن مرعى وشكر على السلطان طومان باى هناك، وكان حسن بن مرعى بينه وبين السلطان طومان باى صداقة قديمة فأركن له طومان باى ونزل عنده على سبيل الضيافة، ثم إن السلطان طومان باى أحضر إلى حسن بن مرعى وابن أخيه شكر مصحفا شريفا وحلّفهما عليه أنهما [لا يخونانه ويغدرانه ولا يدلّسان] (٥) عليه بشئ من أسباب المسك، فحلفا له على المصحف سبعة أيمان بمعنى ذلك، فطاب حينئذ (٦) قلب السلطان طومان باى عند ذلك ونزل عنده، فلما استقرّ عنده احتاطت به العربان من كل


(١) خوخا صغارا: خوخ صغار.
(٢) ولما كثر … ولا راكب: كتبها المؤلف فى الأصل على الهامش.
(٣) الرؤساء: الرويسا.
(٤) تلاقى: تلاقا.
(٥) لا يخونانه ويغدرانه ولا يدلسان: لا يخوناه ويغدراه ولا يدلسا.
(٦) حينئذ: حين إذن.