للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى درب ابن عزيز. ثم قبضوا على الشرفى يحيى بن العدّاس خطيب الجامع وأحضروه إلى بين يدى سليم شاه بن عثمان فهمّ بضرب عنقه، فلما بلغ الخليفة ذلك ركب وأتى إلى ابن عثمان وشفع فى ابن عدّاس وخلّصه من القتل، ولولا كان فى أجله فسحة لضربوا (١) عنقه فى الحال، وقاسى شدّة عظيمة من الطربة.

ثم إن العثمانية طفشت فى العوام والغلمان من الزعر وغير ذلك، ولعبوا فيهم بالسيف، وراح الصالح بالطالح، وربما عوقب من لا جنى، فصارت جثثهم مرميّة على الطرقات من باب زويلة إلى الرملة ومن الرملة إلى الصليبة إلى قناطر السباع إلى الناصرية إلى مصر العتيقة، فكان مقدار من قتل فى هذه الوقعة من بولاق إلى الجزيرة الوسطى إلى الناصرية إلى الصليبة فوق العشرة آلاف إنسان فى مدة هذه الأربعة أيام، ولولا لطف الله تعالى [لكان] لعب السيف فى أهل مصر قاطبة.

ثم إن العثمانية صارت تكبس على المماليك الجراكسة فى البيوت والحارات، فمن وجدوه منهم ضربوا عنقه. ثم صاروا العثمانية تهجم الجوامع وتأخذ منها المماليك الجراكسة، فهجموا على جامع الأزهر وجامع الحاكم وجامع ابن طولون وغير ذلك من الجوامع والمدارس والمزارات، ويقتلون (٢) من فيها من المماليك الجراكسة، فقيل قبضوا على نحو ثمانمائة مملوك ما بين أمراء عشرات وخاصكية ومماليك سلطانية، فضربوا أرقابهم أجمعين بين يدى ابن عثمان. وقيل إن المشاعلى الذى كان هناك كان إفرنجيّا، وقيل كان يهوديا من الأروام، فكان إذا ضرب عنق أحد من المماليك الجراكسة يعزل رءوسهم (٣) وحدها ورءوس الغلمان والعربان وحدها، ثم ينصب الحبال على الصوارى ويعلّق عليها تلك الرءوس فى الوطاق الذى فى الجزيرة الوسطى. وكان المشاعلى إذا حزّ رأس المماليك يرمى جثثهم فى البحر. وأخبرنى من (٤) أثق به أنه شاهد جثة الأمير قانصوه روح لو، أحد الأمراء المقدّمين الذى كان نائب قطيا، وهى مرميّة قدّام سبيل السلطان والكلاب تنهش فى مصارينه (٥) وشحم بطنه، فإنه كان رجلا جسيما. وقتل فى هذه الوقعة الأمير يخشباى من قانم الذى قرّر أمير


(١) لضربوا: ضربوا.
(٢) ويقتلون: ويقتلوا.
(٣) رءوسهم: رءوسها.
(٤) من: ممن.
(٥) مصارينه: مصارنه.