وقد وثق الناس بأبي هريرة وعرفوا مكانته، فكانوا يتواعدون لينطلقوا إليه، فيسمعوا حديثه عن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، من ذلك ما رواه مكحول قال:«تواعد الناس ليلة من الليالي إلى قُبَّةٍ من قباب معاوية، فاجتمعوا فيها، فقام أبو هريرة، فحدَّثهُم عن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى أصبح»(٢).
وعن محمد بن سيرين «أنَّ أبا هريرة كان يقوم كل خميس فيُحَدِّثَهُمْ»(٣).
وعن عاصم بن محمد عن أبيه قال:«رأيت أبا هريرة يخرج يوم الجمعة، فيقبض على رمانتي المنبر، ويقول: «حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ»، فلا يزال يُحَدِّثُ حتى يسمع فتح باب المقصورة لخروج الإمام فيجلس» (٤).
وقد عرف الصحابة والتابعون سعة علمه، ومكانته من الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فكانوا لا يرونه في مكان إلاَّ اجتمعوا حوله ينهلون من علمه، ولم يقتصر ذلك على المدينة فحسب، بل تعدَّاهُ إلى الشام والعراق، روى الإمام أحمد عن سفيان بن عُيينة قال: قال إسماعين بن أبي خالد،
(١) " سير أعلام النبلاء ": ص ٤٤٤، جـ ٢. وقد أخرجه البخاري في " تاريخه " والبيهقي في " المدخل ". انظر " فتح الباري ": ص ٢٢٥، جـ ١. (٢) انظر " الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ": ص ١١٤، و " سير أعلام النبلاء ": ص ٤٣٢، جـ ٢. و " البداية والنهاية ": ص ١٠٦، جـ ٨. (٣) انظر " الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ": ص ١١٣: ب. (٤) " سير أعلام النبلاء ": ص ٤٤٦ - ٤٤٧، جـ ٢.