من الدين الأمانة، وآخر ما تفقدون منه الصلاة (١). وحدَّث عن رفع الأمانة الحديثَ المشهورَ، وفيه:"أنه يحدُثُ قومٌ يشهدون ولا يُسْتشهدون، ويَخُونون ولا يُؤْتمنون ... "(٢).
وهذه أحاديث صحيحة.
ومعلوم أن الحيل تفتح بابَ الخيانة والكذب؛ لاتفاقهما على إظهار عقد ليس له حقيقة، ولهذا لا يطمئن القلبُ إلى من يستحلُّ الحِيَلَ؛ خوفًا من مكرِه، وقد قال [- صلى الله عليه وسلم -]: "يُنْصَبُ لكلِّ غادرٍ لواءٌ يومَ القيامةِ عند اسْتِهِ بقدْرِ غَدْرَتِهِ"(٣).
يُبَيِّنُه:
الوجه التاسع عشر: وهو أن الله - سبحانه - أوجب في المعاملات خاصةً، وفي الدين عامةً النصيحةَ والبيانَ، وحرَّم الخلابة والغش والكتمان، ففي "الصحيحين"(٤) عن جرير قال: "بايعتُ رسولَ اللهِ على النُّصْحِ لكلِّ مُسْلم".
(١) أخرجه تمام في "فوائده": (١/ ٨٤)، والقضاعي في "مسند الشهاب": (١/ ١٥٦)، والضياء في "المختارة": (١/ ٤٩٥) وغيرهم من حديث أنس - رضي الله عنه -. (٢) أخرجه البخاري رقم (٢٦٥١)، ومسلم رقم (٢٥٣٥) من حديث عمران بن حصين - رضي الله عنه -. (٣) الحديث متفق عليه، أخرجه البخاري رقم (٣١٨٨، ٦١٧٧، ٦١٧٨ وغيرها)، ومسلم رقم (١٧٣٥ - ١٧٣٨) من حديث ابن عمر وأبي سعيد - رضي الله عنهما -، واللفظ الذي ذكره المؤلف ملفَّق من عدة روايات. (٤) أخرجه البخاري رقم (٥٨)، ومسلم رقم (٥٦).