للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف العلماء: هل يجوز الصلح مع المشركين على أن يرد إليهم من جاء مسلما من عندهم، أم لا؟

فقيل: نعم، على ما دلت عليه قصة أبي جندل وأبي بصير.


"واختلف العلماء" في جواب قول السائل "هل يجوز الصلح مع المشركين على أن يرد إليهم من جاء مسلما من عندهم، أم لا، فقيل: نعم" يجوز "على ما دلت عليه قصة أبي جندل" المذكور، "وأبي بصير" بفتح الموحدة، وكسر الصاد المهملة فتحتية ساكنة فراء عتبة بضم المهملة وسكون الفوقية وقيل عبيد بموحدة مصغر. قال الحافظ وهو وهم بن أسيد بفتح الهمزة وكسر السين على الصحيح ابن جارية بجيم وتحتية ابن عبد الله الثقفي حليف بني زهرة، فقوله في الصحيح رجل من قريش أي بالحلف؛ لأن بني زهرة من قريش, أسلم قديما. وقصته عند البخاري في بقية هذا الحديث الذي ساقه عنه المصنف من كتاب الشروط قال: ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فجاءه أبو بصير رجل من قريش وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجلين سماهما ابن سعد خنيس بمعجمة ونون وآخره مهملة مصغر ابن جابر ومولى يقال له كوثر، وقيل اسم أحدهما مرثد بن حمران بن إسحاق، وكتب الأخنس بن شريق والأزهر بن عبد عوف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعثا به مع مولى لهما ورجل من بني عامر استأجراه ببكرين.
زاد الواقدي فقدما بعد أبي بصير بثلاثة أيام، ورواية أبي المليح جاء أبو بصير مسلما، وجاء وليه خلفه على مجاز الحذف أي رسول وليه. انتهى.
فقالوا: العهد الذي جعلته لنا فدفعه إلى الرجلين، زاد ابن إسحاق فقال أتردني إلى المشركين يفتنونني عن ديني يعذبونني، قال: "اصبر واحتسب فإن الله جاعل لك فرجا ومخرجا" زاد أبو المليح فقال له عمر: أنت رجل وهو رجل ومعك السيف انتهى.
فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة، فنلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين في رواية ابن سعد الخنيس بن جابر. انتهى.
والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدا، فاستله الآخر فقال: أجل والله إنه لجيد لقد جربت به، ثم جربت وفي رواية لأضربن به في الأوس والخزرج يوما إلى الليل. انتهى.
فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه فأمكنه منه، فضربه أبو بصير حتى برد، وفر الآخر حتى أتى المدينة فدخل المسجد يعدو، فقال صلى الله عليه وسلم لقد رأى هذا ذعرا فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: قتل والله صاحبي، ولابن إسحاق قتل صاحبكم صاحبي انتهى، وإني لمقتول أي إن لم ترده عني.
وعند ابن عائذ وتبعه أبو بصير حتى دفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه وهو عاض على أسفل ثوبه، وقد بدا طرف ذكره والحصى يطير من تحت قدميه من شدة عدوه وأبو

<<  <  ج: ص:  >  >>