أَنْ يُسْلِمُوا حَتَّى قُتِلُوا "، فَلَمَّا أَنْ أصبَحُوا (١) قَالَ: " كَيْفَ رَأَيْتُمْ كَرَامَةَ إِخْوَانِكُمْ لَكُمْ، وَضِيَافَتَهُمْ إِيَّاكُمْ؟ " قَالُوا: خَيْرَ إِخْوَانٍ، أَلَانُوا فَرْشَنَا، وَأَطَابُوا مَطْعَمَنَا، وَبَاتُوا وَأَصْبَحُوا يُعَلِّمُونَنَا كِتَابَ رَبِّنَا وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا، فَأُعْجِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفَرِحَ بِهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَجُلًا رَجُلًا يَعْرِضُنَا عَلَى مَا تَعَلَّمْنَا وَعَلِمْنَا، فَمِنَّا مَنْ تَعَلَّمَ التَّحِيَّاتِ، وَأُمَّ الْكِتَابِ، وَالسُّورَةَ، وَالسُّورَتَيْنِ، وَالسُّنَّةَ، وَالسُّنَّتَيْنِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: " هَلْ مَعَكُمْ مِنْ أَزْوَادِكُمْ شَيْءٌ؟ " فَفَرِحَ الْقَوْمُ بِذَلِكَ، وَابْتَدَرُوا رِحَالَهُمْ، فَأَقْبَلَ كُلُّ رَجُلٍ مَعَهُ صُبْرَةٌ مِنْ تَمْرٍ، فَوَضَعَهَا (٢) عَلَى نِطْعٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَوْمَأَ بِجَرِيدَةٍ فِي يَدِهِ كَانَ يَخْتَصِرُ بِهَا، فَوْقَ الذِّرَاعِ وَدُونَ الذِّرَاعَيْنِ، فَقَالَ: " أَتُسَمُّونَ هَذَا التَّعْضُوضَ؟ " قُلْنَا: نَعَمْ، ثُمَّ أَوْمَأَ إِلَى صُبْرَةٍ أُخْرَى، فَقَالَ: " أَتُسَمُّونَ هَذَا الصَّرَفَانَ؟ "، قُلْنَا: نَعَمْ، ثُمَّ أَوْمَأَ إِلَى صُبْرَةٍ، فَقَالَ: " أَتُسَمُّونَ هَذَا الْبَرْنِيَّ؟ " فَقُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: " أَمَا إِنَّهُ خَيْرُ تَمْرِكُمْ وَأَنْفَعُهُ لَكُمْ "، قَالَ: فَرَجَعْنَا مِنْ وِفَادَتِنَا تِلْكَ، فَأَكْثَرْنَا الْغَرْزَ مِنْهُ، وَعَظُمَتْ رَغْبَتُنَا فِيهِ حَتَّى صَارَ عُظْمَ نَخْلِنَا وَتَمْرِنَا الْبَرْنِيُّ، قَالَ: فَقَالَ الْأَشَجُّ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَرْضَنَا أَرْضٌ ثَقِيلَةٌ وَخِمَةٌ، وَإِنَّا إِذَا لَمْ نَشْرَبْ هَذِهِ الْأَشْرِبَةَ هِيجَتْ أَلْوَانُنَا، وَعَظُمَتْ
(١) لفظة "أصبحوا" سقطت من (م) .(٢) في (ظ١٣) ونسخة في (س) : فوضعوها.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute