شكوى له، فأتاه النبي ﷺ يعوده مع عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وعبد اللَّه بن مسعود، فلما دخل عليه وجده في غشية فقال: قد قضى؟ فقالوا: لا يا رسول اللَّه، فبكى رسول اللَّه ﷺ، فلما رأي القوم بكاءه بكوا، فقال:"ألا تسمعون، إن اللَّه لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا -وأشار إلى لسانه- أو يرحم"(١).
وفي "الصحيحين" أيضًا من حديث أسامة بن زيد ﵁ أن رسول اللَّه ﷺ انطلق إلى إحدى بناته ولها صبيٌّ في الموت، فرُفع إليه الصبيُّ ونفسه تقعْقَع كأنها شنّة، ففاضت عيناه، فقال سعد: ما هذا يا رسول اللَّه؟ قال:"هذه رحمة جعلها اللَّه في قلوب عباده، وإنما يرحم اللَّه من عباده الرحماء"(٢).
وفي مسند الإمام أحمد من حديث ابن عباس ﵄ قال: ماتت رقية ابنة رسول اللَّه ﷺ فبكت النساء، فجعل عمر يضربهن بسوطه، فقال النبي ﷺ:"دعهن يا عمر يبكين، وإياكن ونعيق الشيطان" ثم قال: "إنه مهما كان من العين ومن القلب فمن اللَّه ومن الرحمة، وما كان من اليد واللسان فمن الشيطان"(٣).
(١) "صحيح البخاري" رقم (١٣٠٤)، و"صحيح مسلم" رقم (٩٢٤). ووقع في الأصل: "ألا تسمعوا". (٢) "صحيح البخاري" رقم (١٢٨٤)، و"صحيح مسلم" رقم (٩٢٣). (٣) "المسند" (١/ ٣٣٥). قال البيهقي في السنن الكبرى (٤/ ٧٠): "وهذا وإن كان غير قوي فقوله ﷺ في الحديث الثابت عنه: "إن اللَّه لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا -وأشار إلى لسانه- أو يرحم"، يدل على معناه ويشهد له بالصحة وباللَّه التوفيق". =