قالوا: وفي "الصحيحين" من حديث ابن عمر ﵄ أن النبي ﷺ قال: "إن الميت ليعذَّب ببكاء أهله عليه"(١).
وهذا إنما هو بعد الموت، وأما قبله فلا يُسمّى ميتًا.
وعن ابن عمر ﵄ أن رسول اللَّه ﷺ لما قدم من أُحُد سمع نساء بني عبد الأشهل يبكين على هلكاهن، فقال:"لكن حمزة لا بواكي له" فجئن نساء الأنصار، فبكين على حمزة عنده، فاستيقظ فقال:"ويحهن أتين هاهنا يبكين حتى الآن، مُروهن فليرجعن ولا يبكين على هالك بعد اليوم". رواه الإمام أحمد (٢).
وهذا صريح في نسخ الإباحة المتقدمة.
والفرق بين ما قبل الموت وبعده: أنه قبل الموت يرجي فيكون البكاء عليه حذرًا، فإذا مات انقطع الرجاء وأبرم القضاء فلا ينفع البكاء.
قال المجوزون: قال جابر: أُصيب أبي يوم أحد فجعلت أبكي، فجعلوا ينهونني ورسول اللَّه ﷺ لا ينهاني، فجعلت عمّتي فاطمة تبكي، فقال النبي ﷺ:"تبكين أو لا تبكين، ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعتموه". متفق عليه (٣).
وفي "الصحيحين" أيضًا عن ابن عمر قال: اشتكى سعد بن عبادة
(١) "صحيح البخاري" رقم (١٢٨٦)، و"صحيح مسلم" رقم (٩٢٨). (٢) "مسند أحمد" (٢/ ٨٤). ورواه ابن ماجه في "سننه" رقم (١٥٩١). وصححه الحاكم في المستدرك (٣/ ١٩٥) على شرط مسلم، ووفقه الذهبي، وصححه الهيثمي في مجمع الزوائد (٦/ ١٢٠). (٣) "صحيح البخاري" رقم (١٢٤٤)، و"صحيح مسلم" رقم (٢٤٧١).