عنده وعد، فَلْيحذر (١) كلَّ الحذرِ، ولْيبادر بالتوبة النصوح التي تُلِحقُه بالمضمون لهم النجاةُ والفلاحُ.
قالوا: وأيضًا فمن المحال أن يقع على أحدٍ من المصطفين اسمُ الظلم مطلقًا، وإنَّما يقع اسم الظلم مطلقًا على الكافر، كما قال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[البقرة/ ٢٥٤]. وقال تعالى: {وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (٨)} [الشورى/ ٨] مع قوله: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا}[البقرة/ ٢٥٧]. والظالم لا ولى له فلا يكون (٢) من المؤمنين.
قالوا: وأيضًا فمن تدبَّر الآيات وتأمَّل سياقها وجدها قد استوعبت جميع أقسام الخلق، ودلَّت على مراتبهم في الجزاء. فذكر سبحانه فيها (٣) أنَّ النَّاس نوعان: ظالمٌ، ومحسنٌ. ثمَّ قسم المحسن إلى قسمين: مقتصد، وسابق. ثمَّ ذكر جزاءَ المحسن. فلمَّا فرغ منه ذكر جزاءَ الظالم، فقال تعالى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ}[فاطر/ ٣٦](٤).
وقد قال (٥) تعالى: {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٢٩)} [الأنبياء/ ٢٩]، فذكر أنواع العباد
(١) "ك، ط": "ليحذر". (٢) قراءة "ف": "ولا يكون". (٣) "فيها" ساقط من "ب، ك، ط". (٤) في "ب" ضبطت الآية على قراءة أبي عمرو البصري، فقد قرأ: "كذلك يُجزَى كلُّ كفور". انظر: الإقناع (٢/ ٧٤١). ولم تضبط في الأصل وغيره. (٥) "ب، ك، ط": "وقال".