فَحَلَبَ فَسَقَى أَبَا بَكْرٍ ثُمَّ حَلَبَ فَسَقَى الرَّاعِيَ ثُمَّ حَلَبَ فَشَرِبَ، فَقَالَ الرَّاعِي: بِاللَّهِ مَنْ أَنْتَ: فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَكَ؟ قَالَ: «أَوَ تَرَاكَ تَكْتُمُ عَلَيَّ حَتَّى أُخْبِرَكَ» ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:
«فَإِنِّي مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» فَقَالَ: أَنْتَ الَّذِي تَزْعُمُ قُرَيْشٌ أَنَّكَ صَابِئٌ؟ قَالَ: «إِنَّهْمُ لَيَقُولُونَ ذَلِكَ» ، قَالَ: فَأَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّ مَا جِئْتَ بِهِ حَقٌّ، وَأَنَّهُ لا يَفْعَلُ مَا فَعَلْتَ إِلَّا نَبِيٌّ، وَأَنَا مُتَّبِعُكَ، قَالَ: «إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ ذَلِكَ يَوْمَكَ، فإذا بلغك أني قد ظهرت فأتنا» [١] .
ذكر فوائد تتعلق بهذه الأَخْبَارِ
الْعُثَانُ: بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ: شِبْهُ الدُّخَانِ وَهُوَ مُفَسَّرٌ فِي الْخَبَرِ بِذَلِكَ وَجَمْعُهُ عَوَاثِنُ. الْحِمَالُ: جَمْعٌ أَوْ مَصْدَرٌ، أَيْ هَذَا الْحِمْلُ أَوِ الْمَحْمُولُ مِنَ اللَّبَنِ أَفْضَلُ مِنْ حِمَالِ خَيْبَرَ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ الْمَحْمُولِ مِنْهَا، قِيلَ: رَوَاهُ الْمُسْتَمْلِي بِالْجِيمِ فِيهِمَا، وَلَهُ وَجْهٌ، وَالأَوَّلُ أَظْهَرُ. وَأُمُّ مَعْبَدٍ: عَاتِكَةُ بِنْتُ خَالِدٍ إِحْدَى بَنِي كَعْبٍ مِنْ خُزَاعَةَ، وَهِيَ أُخْتُ حُبَيْشِ بْنِ خَالِدٍ الَّذِي رُوَيْنَا الْخَبَرَ مِنْ طَرِيقِهِ، وَلَهُ صُحْبَةٌ، وَكَانَ مَنْزِلُهَا بِقَدِيدٍ [٢] . وَأَبُو سُلَيْطٍ: أُسَيْرَةُ بْنُ عَمْرٍو أَنْصَارِيٌ مِنْ بَنِي النجار شهد بدرا بن وَمَا بَعْدَهَا. وَوَقَعَ فِي الأَبْيَاتِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا فِي الْخَبَرِ مِنْ طَرِيقِهِ* فَمَا حَمَلَتْ مِنْ نَاقَةٍ فَوْقَ رَحْلِهَا* الْبَيْتَ وَالَّذِي يَلِيهِ فِي ذَلِكَ الشِّعْرِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَعْرُوفٍ، وَالْمَعْرُوفُ فِي هذا الشعر أنه لأبي أناس الذيلي رَهْطِ أَبِي الأَسْوَدِ صَحَابِيٍّ، ذَكَرَهُ أَبُو عُمَرَ، وَعَمُّهُ سَارِيَةُ بْنُ زُنَيْمٍ الَّذِي قَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَا سَارِيَةَ الْجَبَلَ، وَكَانَ أَبُو أُنَاسٍ شَاعِرًا، وَهُوَ الْقَائِلُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
تَعَلَّم رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ قَادِرٌ ... عَلَى كُلِّ حَافٍ مِنْ تِهَامٍ ومنجد
وما حملت من ناقة فوق رحلها ... أبز وَأَوْفَى ذِمَّةً مِنْ مُحَمَّدِ
وَتَضَمَّنَ حَدِيثُ أُمِّ مَعْبَدٍ أَشْيَاءَ مِنْ صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِي شَرْحُهَا فِي الشَّمَائِلِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَكِفَاءُ الْبَيْتِ: سُتْرَةٌ فِي الْبَيْتِ مِنْ أَعْلاهُ إِلَى أَسْفَلِهِ مِنْ مُؤَخَّرِهِ، وَقِيلَ:
الْكِفَاءُ: الشُّقَّةُ الَّتِي تَكُونُ فِي مُؤَخَّرِ الْخِبَاءِ، وَقِيلَ: هُوَ كِسَاءٌ يُلْقَى عَلَى الْخِبَاءِ، كَالإِزَارِ حَتَّى يَبْلُغَ الأَرْضَ، وَقَدْ أَكْفَى الْبَيْتَ. ذكره ابن سيده.
[ (١) ] انظر المستدرك للحاكم (٣/ ٩) .[ (٢) ] موضع بين مكة المكرمة والمدينة المنورة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute