شهوده صلّى الله عليه وسلّم يوم الفجار ثم حلف الْفُضُولِ
قَالَ السِّهَيْلِيُّ: وَالْفِجَارُ (بِكَسْرِ الْفَاءِ) بِمَعْنَى الْمُفَاجَرَةِ، كَالْقِتَالِ وَالْمُقَاتَلَةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ قِتَالا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَفَجَرُوا فِيهِ جَمِيعًا، فَسُمِّيَ الْفِجَارَ، وَكَانَتْ لِلْعَرَبِ فِجَارَاتٌ أَرْبَعَةٌ ذَكَرَهَا الْمَسْعُودِيُّ [١] آخِرُهَا فِجَارُ الْبَرَّاضِ وَهُوَ هَذَا، وَكَانَ لِكِنَانَةَ وَلِقَيْسٍ فِيهِ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ مَذْكُورَةٍ يَوْمُ شَمْظَةَ وَيَوْمُ العيلاءِ، وَهُمَا عِنْدَ عُكَاظٍ، وَيَوْمُ الشّربِ، وَهُوَ أَعْظَمُهَا يَوْمًا فِيهِ قَيَّدَ حَرْبُ بْنُ أُمَيَّةَ وَسُفْيَانُ وَأَبُو سُفْيَانَ ابْنَا أُمَيَّةَ أَنْفُسَهُمْ كَيْ لا يَفِرُّوا فَسُمُّوا الْعَنَابِسَ، وَيَوْمَ الْحَرِيرَةِ عِنْدَ نَخْلَة، وَيَوْمُ الشّربِ انْهَزَمَتْ قَيْسٌ إِلَّا بَنِي نَصْرٍ مِنْهُمْ فَإِنَّهُمْ ثَبَتُوا، وَكَانَ انْقِضَاءُ أَمْرِ الْفِجَارِ عَلَى يَدَيْ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَذَلِكَ أَنَّ هَوَازِنَ تَوَاعَدُوا مَعَ كِنَانَةَ لِلْعَامِ الْمُقْبِلِ بِعُكَاظٍ، فَجَاءُوا لِلْوَعْدِ، وَكَانَ حَرْبُ بْنُ أُمَيَّةَ رَئِيسَ قُرَيْشٍ وَكِنَانَةَ، وَكَانَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ يَتِيمًا فِي حِجْرِهِ، فَضَنَّ بِهِ حَرْبٌ وَأَشْفَقَ مِنْ خُرُوجِهِ مَعَهُ، فَخَرَجَ عُتْبَةُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَلَمْ يَشْعُرُوا إِلَّا وَهُوَ عَلَى بَعِيرِهِ ببين الصَّفَّيْنِ يُنَادِي: يَا مَعْشَرَ مُضَرَ: عَلامَ تُفَانُونَ، فَقَالَتْ: لَهُ هَوَازِنُ: مَا تَدْعُو إِلَيْهِ؟ قَالَ: الصُّلْحُ عَلَى أَنْ نَدْفَعَ لَكُمْ دِيَةَ قَتْلاكُمْ وَتَعْفُوا عَنْ دِمَائِنَا، قَالُوا: وَكَيْفَ؟ قَالَ: نَدْفَعُ لَكْمُ رَهْنًا مِنَّا، قَالُوا: وَمَنْ لَنَا بِهَذَا؟ قَالَ: أَنَا، قَالُوا: وَمَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، فَرَضَوْا بِهِ، رَضِيَتْ بِهِ كِنَانَةُ وَدَفَعُوا إِلَى هَوَازِنَ أَرْبَعِينَ رَجُلا فِيهِمْ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، فَلَمَّا رَأَتْ بَنُو عَامِرِ بْنُ صَعْصَعَةَ الرَّهْنَ فِي أَيْدِيهِمْ عَفَوْا عَنِ الدِّمَاءِ وَأَطْلَقُوهُمْ، وَانْقَضَتْ حَرْبُ الْفِجَارِ، وَزَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُقَاتِلْ فِيهَا.
وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ سَعْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهِدَهَا وَلَهُ عِشْرُونَ سَنَةً، وَقَالَ: قَالَ عَلَيْهِ
[ (١) ]وعند ابن هشام (١/ ١٩٨) : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد كنت أنبل على أعمامي» أي أرد عليهم نبل عدوهم إذا رموهم بها.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute