وأتى المدينة ورسول الله ﷺ قد تحمَّل إلى تبوك، وبقي بقيَّةٌ من الناس، فجعل ينادي: مَن يَحملني وله سهمي؟ وسمعه كعب بن عُجْرَة فقال: أنا أحملك عُقْبَةً بالليل، وعُقْبةً بالنهار، ويدي ويدك (١)، وسهمُك لي، فقال واثلة: نعم، قال واثلة: فجزاه الله خيرًا.
قال: وسار خالد بن الوليد إلى أُكَيدِرِ دُوْمَة، وخرجتُ معه، فأصَبْنا فَيئًا كثيرًا، وأصابني ستُّ قَلائص، فجئتُ أسوقُها إلى خيمة كعب بن عُجْرة فقلت: أخرج فاقبِضْ قلائصَك، فخرج وهو يتبسَّم ويقول: بارك الله لك فيها، ما حملتُك وأريد أن آخُذَ منك شيئًا.
ولما أسلم واثلةَ (٢) قال له رسول الله ﷺ: "اذهب فاحلق عنك شَعَر الكُفر، واغتسل بماءٍ وسِدر" ففعل.
[وذكر ابن عساكر وقال:] شهد واثلة فتح دمشق، وقتل عظيمًا من عُظماء الروم وأخذ سَلَبَه، فدُفع له في سَرجه عَشْرةُ آلاف (٣).
وقال خليفة (٤): كانت له دار بالبصرة.
وذكره ابن سعد فيمن نزل الشام من الصحابة (٥).
واختلفوا في وفاته؛ وقال ابن سعد بإسناده عن أبي الزاهرية قال: مات واثلة بن الأسقع بالشام سنة خمس وثمانين وهو ابن ثمان وتسعين سنة (٦).
وحكى ابن عساكر عن أبي حاتم قال: كان واثلة يشهد المغازي بدمشق (٧). وحكى ابن سعد أيضًا أنه مات في سنة ثلاث وثمانين ببيت المقدس (٨). وقيل: إنه سكن
(١) في مغازي الواقدي ١٠٢٩، و "طبقات ابن سعد" ٥/ ١٣٠، و "تاريخ دمشق" ١٧/ ٧١٠ (مخطوط)، و "المنتظم" ٦/ ٢٦٥: ويدك أسوة يدي. (٢) في (ص): وقال الواقدي ولما أسلم. أهـ ولم أقف على الخبر من رواية الواقدي، وأخرجه الطبراني في الكبير ٢٢ / (١٩٩)، والحاكم في "المستدرك" ٣/ ٥٧٠، والخطيب في تاريخه ١٥/ ٨١، وأبو نعيم في "الحلية" ٩/ ٣٢٩، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" ١٧/ ٧٠٩ - ٧١٠ من طريق معروف الخياط، عن واثلة، به. (٣) "تاريخ دمشق" ١٧/ ٧٠٤، ٧٠٥، وما بين معكوفين من (ص). (٤) في طبقاته ٣١. (٥) "طبقات ابن سعد" ٩/ ٤١١. (٦) "طبقات ابن سعد" ٥/ ١٣٠ و ٩/ ٤١١. (٧) "تاريخ دمشق" ١٧/ ٧٠٧. (٨) "طبقات ابن سعد" ٩/ ٤١٢.