وفي سنة تسع وثلاثين بعثَ معاويةُ [يزيد] بنَ شجوة الرَّهاوي ليحجَّ بالناس فاختلفا، فأقامَ شيبةُ (٢) الحجَّ للناس.
وقيل: إن الذي اختلفَ مع يزيدَ بنِ شجرة قُثَمُ بنُ العبَّاس.
وعُبيد الله (٣) أحدُ من نزلَ في قبر عليّ ﵇ بالكوفة، ولم يزل مع الحسن بن عليّ ﵇ حتى عرفَ زَهادَتَه في الأمر، فصار إلى معاوية (٤).
ذكر طرف من أخباره:
جاءه رجل فقال: يا ابنَ عبَّاس، لي عندك يدٌ، وقد احتجتُ إليها. قال: وما هي؟ قال: رأيتُك يومًا واقفًا عند زمزم، وغُلامُك يَمْتَحُ لك منها (٥)، وحرُّ الشمس قد آذاك، فظَلَلْتُ عليك بردائي حتى شربتَ، وانصرفتُ. فقال: أجَلْ، إنَّ ذلك لَيتردَّدُ في فكري وخاطري، وإني ما نسيتُه لك. ثم قال لغلامه: ما عندَك؟ قال: عَشَرَةُ آلافِ درهم. قال: ادْفَعْها إليه، وما أُراها تَفِي بحقِّه عندنا. فقال له الرجل: واللهِ لو لم يكن لإسماعيلَ ﵇ ولدٌ غيرُك لكان فيه كفاية، فكيف وقد وَلَدَ سيِّدَ الأوَّلين والآخِرِين، ثم شَفَعَه بأبيك وبك؟! فقال عُبيد الله لغلامه: ادْفَعْ إليه عشرة آلاف أخرى لأجل كلامه هذا (٦).
(١) في (ب) و (خ): فحجَّ بالناس في هذه السنة وستٍّ وثلاثين. . . وهو خطأ. والمثبت من "طبقات" ابن سعد ٦/ ٣٤٩، و"تاريخ دمشق" ٤٤/ ٢٦٠. (٢) هو شيبة بن عثمان بن أبي طلحة العبدري. ينظر "طبقات" ابن سعد ٦/ ٣٤٩، و"تاريخ" الطبري ٥/ ١٣٦، و"المنتظم" ٥/ ١٦٠. وسلفت ترجمته قريبًا. (٣) في (ب) و (خ): عبد الله. (٤) أنساب الأشراف ٣/ ٦٦. (٥) أي: يستخرج منها الماء. (٦) الخبر في "العقد الفريد" ١/ ٢٩٤ - ٢٩٥، وليس فيه قوله في آخره: فقال عبيد الله لغلامه: أعطه عشرة آلاف أخرى لأجل كلامه.