قلت: كذا وقعت هذه الرواية في هذه الأبيات بالخفض، وينمغي أن تكون مرفوعةً إلا البيت الأوَّل. ولعلَّه من الكاتب (١).
وقد ذكرنا في حديث أن عائشةَ أَثنت على حسَّان، فقيل لها: اليس هو القائلَ كذا وكذا؟ فقالت: أليس هو القائلَ في مدحِ رسولِ الله ﷺ:
هجوتَ محمدًا فأَجبتُ عنه … وعند اللهِ في ذاك الجزاءُ
فإنَّ أبي ووالدَهُ وعِرْضي … لعِرْضِ محمدٍ منكم وقاءُ (٢)
وأوَّلُ هذه الأبيات:
عفت ذاتُ الأصابع فالجِواءُ … إلى عَذْراءَ منزلُها خَلاءُ
وهي في "ديوان" حسان (٣)، وذكر فيها فتح مكة والحديبية، ومنها:
فإمّا تُعْرِضوا عنَّا اعْتَمَرْنا … وكان الفتحُ وانكشف الغطاءُ
ومنها:
وإلَّا فاصبروا لجِلادِ يومٍ … يُعِزُّ اللهُ فيه مَنْ يشاءُ
لساني صارِمٌ لا عَيبَ فيه … وبَحْري ما تُكَدِّرُه الدِّلاءُ
ولما قال:
هجوتَ محمدًا فأَجَبْتُ عنه … وعند الله في ذاك الجزاءُ
قال رسول الله ﷺ:"يا حسَّانُ، جزاؤكَ عند الله الجنَّةُ".
وقال مصعبٌ الزبيري: قال حسان أوَّلى هذه القصيدةِ في الجاهلية، وآخِرها في الإسلام.
قلتُ: وحسَّان من شُعراء الحماسة، وهو القائل:
(١) كذا قال المصنف (أو المختصر) وهو وهم منه، فلا يجوز في رويّ هذه القصيدة إلا الرفع، إلا البيت الأول، فإنه يجوز فيه الرفع والجر، وينظر "طبقات" ابن سعد ٤/ ٣٢٣، و"الأغاني" ٤/ ١٥٢، "تهذيب الكمال" ٦/ ٢١. (٢) ينظر الخبر في "الطبقات" ٤/ ٣٢٦، و"الأغاني" ٤/ ١٦٣. (٣) ص ٧ - ٩.