وقال أبو حنيفة أحمد بن داود الدِّينوري في "كتاب الأنواء" في السماوات: قال الله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَينَاهَا بِأَيدٍ﴾ [الذاريات: ٤٧] وقال في موضع آخر: ﴿السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾ [المزمل: ١٨] قلت: وما ذكروه من معنى السموّ والارتفاع والمطر وغيره فإنما هو مجاز، أما الحقيقة، فيرادُ به السماءُ المعروفة.
وقد ورد في السماء أخبارٌ وآثار:
قال أحمد بن حنبل بإسناده عن أبي ذرٍّ، قال: قال رسول الله ﷺ: "إنِّي أرى ما لا تَرَوْن، وأَسمعُ ما لا تَسْمَعون: أَطَّتِ السماءُ وحُقَّ لها أنْ تَئِطَّ، ما فيها مَوضعُ أربعِ أصابعَ إلا وعليه مَلَكٌ ساجدٌ"(٣).
قال الجوهري: الأطيط: صوتُ الرَّحْلِ والإبل من ثِقَل أحمالها (٤).
وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما أراد الله خَلْقَ المخلوقات خلق الماء فثار منه دخان، فارتفع فخَلَقَ منه السماء وجعلها سماءٌ واحدة، ثم فتقها فجعلها سبعًا ﴿وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا﴾ [فصلت: ١٢] أي ما قَدَّرَ أنْ يكونَ فيها من الملائكة والنجوم وغير ذلك.
وروى عنه عكرمة في تفسير قوله تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيفَ بَنَينَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ﴾ [ق: ٦] قال: الفروج: الشقوق وكذا الفطور، قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود (٥):
(١) "الصحاح": (سما)، والبيت لمعاوية بن مالك، وانظر "المفضليات" ص ٣٥٩. (٢) انظر "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٠٧. (٣) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢١٥١٦). (٤) "الصحاح": (أطط). (٥) البيت في "الأغاني" ٩/ ١٥١.