وذكره القاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي في "تاريخه"، وقال: أبو المعالي الكتبي، وأثنى عليه ثناء كبيرًا، وقال: صحب أبا القاسم علي بن أفلح الشاعر مدَّة، واشتغل بالأدب حتى برع فيه، وفاق أهل زمانه، وقال الشعر، وتفقه على مذهب أبي حنيفة] (٢) وغلبت عليه الفكرة، فأحبَّ الخلوة، فخرج على قدم التجريد سائحًا، ورأى عجائب [من الدُّنيا](٢)، وجال في الأقطار، وحجَّ، وعاد إلى بغداد، وصنَّف الكتب:"لُمَح المُلَح" في الألغاز، و"زينة الدَّهر في شعراء العَصْر"، وغيرهما.
[وذكره العماد الكاتب في "الخريدة"، وسجع له، وقال: أنشدني أبياتًا في وصف العِذار أرق من الاعتذار، وذكر مقطعات من شعره، وكلامًا فاحشًا يدل على أنه كان خليعًا ظريفًا، وأنشدني له في الشيب] (٣): [من الطويل]
بدا الشيب في فَوْدي فأقصَرَ باطلي … وأيقنت قطعًا بالمصير إلى قبري
أتطمَعُ في تسويد صُحْفي يدُ الصِّبا … وقد بيَّضَتْ كفُّ النُّهى حُسْبَةَ العُمْرِ (٤)
وصرتُ أبكي دمًا عليه ولا … بُدَّ لصُبْح المشيبِ من شَفَقِ (٥)
وقال:[من الطويل]
أرى ذا النَّدى والطَّوْلِ يغتاله الرَّدى … ويُبقي الذي ما فيه طَوْلٌ ولا منُّ
كما الورد يبدو في الغصون وينقضي … سريعًا ويبقى الشَّوْكُ ما بقي الغُصْنُ (٦)
وقال:[من الطويل]
(١) "المنتظم": ١٠/ ٢٤١ - ٢٤٢. (٢) ما بين حاصرتين من (م) و (ش). (٣) في (ح): وقال في المشيب، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش). (٤) "الخريدة": ٤/ ٤٣. (٥) المصدر السالف. (٦) "الخريدة": ٤/ ٤٤ - ٤٥.