أوقات الصَّلاة، وكان يَصْدع بالحقِّ على المنبر، وينكر على من يولِّي الظَّلَمة [على النَّاس](١)، ولما ولَّى المقتفي القاضي ابن المُرَخِّم [الظالم](١)، قال على المنبر: ولَّيتَ على المُسْلمين أَظْلَمَ الظَّالمين، ما جوابك غدًا عند ربِّ العالمين.
وكان له كرامات ظاهرة، [ولقد أدركتُ جماعةً من مشايخنا يحكون منها جملة، حكى لي خالي لأمي، وكان اسمه خاصْبَك، قال:](٢) كان الشيخ عبد القادر يجلس يوم الأحد [فَنمتُ ليلة الأحد](١) مهتمًا بحضور مجلسه، فاتَّفقَ أنني احتلمْتُ، وكان ليلةً باردة، فقلتُ: ما أفوِّتُ مجلسه، وإذا انقضى المجلس اغتسلتُ، فجئتهُ إلى المدرسة، والشَّيخ على المنبر، فساعة وَقَعَتْ عينُه عليَّ قال: يا دبير، تحضرُ مجلسَنا وأنتَ جُنُبٌ وتحتجُّ بالبرد!.
قال المصنِّفُ ﵀: حكى لي رجلٌ صالح من أهل الحَرْبية يقال له مُظَفَّر، قال: كنتُ ليلة الأحد أنام في مدرسة الشَّيخ عبد القادر لأجل المجلس [قال](١): فمضيتُ ليلةً، وصَعِدْتُ على سطوح المدرسة، وكان الحَرُّ شديدًا، فاشتهيتُ الرُّطَب، وقلتُ: إلهي ولو أنها خمس رطبات. وكان للشيخ بابٌ صغير في السطوح، فَفُتح الباب، وخرج الشَّيخ وبيده خمس رطبات، وصاح: يا مظفر -وما يعرفني قبلها-: تعال خُذْ ما طلبتَ.
[ومن هذا شيء كثير](١).
وكان ابنُ يونس وزير النَّاصر (٣) قد قَصَدَ أولادَ الشيخ عبد القادر، وبدَّدَ شملهم [وفَعَل في حَقِّهم كل قبيح، ونفاهم إلى واسط](١)، فبدَّد الله شَمْلَه، ومزَّقه كلَّ ممزَّق، ومات أقبح موتة، [وسنذكره في موضعه](١).
وكان الشيخ [عبد القادر](١) قد لبس خرقة المشايخ من أبي سَعْد المُخَرِّمي، ولبس المُخَرِّمي من أبي الحسن علي بن محمد القُرَشي، ولبس القرشي من أبي الفرج الطَّرسوسي، [ولبس الطرسوسي](١) من أبي الفَضْل عبد الواحد التَّميمي، ولبس
(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش). (٢) في (ح): وكان له كرامات ظاهرة، قال خاصبك: والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش). (٣) في (م) و (ش): وكان وزير الإمام الناصر، يقال له: ابن يونس الحنبلي.