قَالَ: عَلَى الْمُؤْمِنِينَ الْمُحْسِنِينَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي صَخْرٍ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ قَالَ: تَمَامًا لِمَا كَانَ قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ. وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنِ ابْنِ زَيْدٍ قَالَ: تَمَامًا لِنِعْمَتِهِ عَلَيْهِمْ وَإِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: وَهذا كِتابٌ قال: هو القرآن الذي أنزل اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا يَقُولُ: فَاتَّبِعُوا مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِيهِ وَاتَّقُوا مَا حَرَّمَ. وَأَخْرَجَ هَؤُلَاءِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا قَالَ: الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، خَافَ أَنْ تَقُولَهُ قُرَيْشٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ قَالَ: تِلَاوَتِهِمْ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ قَالَ: هَذَا قَوْلُ كُفَّارِ الْعَرَبِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ يَقُولُ: قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ حِينَ لَمْ يَعْرِفُوا دِرَاسَةَ الطَّائِفَتَيْنِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قوله:
صَدَفَ عَنْها قَالَ: أَعْرَضَ عَنْهَا. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ: يَصْدِفُونَ قَالَ:
يعرضون.
[[سورة الأنعام (٦) : آية ١٥٨]]
هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (١٥٨)
أَيْ: لَمَّا أَقَمْنَا عَلَيْهِمُ الْحُجَّةَ وَأَنْزَلْنَا الْكِتَابَ عَلَى رَسُولِنَا الْمُرْسَلِ إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يَنْفَعْهُمْ ذَلِكَ وَلَمْ يَرْجِعُوا بِهِ عَنْ غِوَايَتِهِمْ فَمَا بَقِيَ بَعْدَ هَذَا إِلَّا أَنَّهُمْ يَنْظُرُونَ أَيْ: يَنْتَظِرُونَ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَيْ: مَلَائِكَةُ الْمَوْتِ لَقَبْضِ أَرْوَاحِهِمْ، وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ يَا مُحَمَّدُ كَمَا اقْتَرَحُوهُ بقوله: لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا «١» وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ بِإِهْلَاكِهِمْ وَقِيلَ الْمَعْنَى:
أَوْ يَأْتِيَ كُلُّ آيَاتِ رَبِّكَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الْمُتَشَابِهِ الَّذِي لَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ حذف المضاف كثيرا كقوله: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ
«٢» وقوله: وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ «٣» أَيْ حُبَّ الْعِجْلِ وَقِيلَ: إِتْيَانُ اللَّهِ: مَجِيئُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ بَيْنَ خَلْقِهِ كَقَوْلِهِ:
وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا «٤» . قَوْلُهُ: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ. قَرَأَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ يَوْمَ تَأْتِي بِالْفَوْقِيَّةِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّحْتِيَّةِ. قَالَ الْمُبَرِّدَ: التَّأْنِيثُ عَلَى الْمُجَاوَرَةِ لِمُؤَنَّثٍ لَا عَلَى الْأَصْلِ وَمِنْهُ قَوْلُ جَرِيرٍ:
لَمَّا أَتَى خَبَرُ الزُّبَيْرِ تَوَاضَعَتْ ... سُورُ الْمَدِينَةِ وَالْجِبَالُ الْخُشَّعُ
وَقَرَأَ ابْنُ سِيرِينَ «لَا تَنْفَعُ» : بِالْفَوْقِيَّةِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: إِنَّ هَذَا غَلَطٌ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ. وَقَدْ قَالَ النَّاسُ فِي هَذَا شَيْءٌ دَقِيقٌ مِنَ النَّحْوِ ذَكَرَهُ نِفْطَوَيْهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْإِيمَانَ وَالنَّفْسَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُشْتَمِلٌ عَلَى الْآخَرِ، فَأَنَّثَ الْإِيمَانَ إِذْ هُوَ مِنَ النَّفْسِ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يُؤَنَّثَ الْإِيمَانُ، لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ كَمَا يُذْكَرُ الْمَصْدَرُ الْمُؤَنَّثُ مِثْلَ فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ. ومعنى يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي الآيات
(١) . الفرقان: ٢١. [.....]
(٢) . يوسف: ٨٢.
(٣) . البقرة: ٩٣.
(٤) . الفجر: ٢٢.