وقوله تعالى:«كذلك أَرْسَلْنَاكَ في أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَآ أُمَمٌ» : أي: كما أجرينا عادَتَنا، كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ ... الآية.
وقوله: وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ: قال قتادة: نزلَتْ في قريش: لما كُتِبَ في الكتاب: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ في قصَّة الحُدَيْبِيَة، فقال قائلهم: نَحْنُ لاَ نَعْرِفُ الرحمن «١» .
قال ع «٢» : وذلك منهم إِباءةُ اسم فقطْ، وهروبٌ عن هذه العبارة التي لم يَعْرِفُوها إِلا مِنْ قِبَل النبيِّ عليه السلام، وال مَتابِ: المرجعُ ك «المآب» لأن التوبة هي الرجُوعُ.
قال ابن عباس وغيره: إِن الكفّار قالوا للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم: أزِحْ عَنَّا وَسَيِّرِ جَبَلِيْ مَكَّةَ، فَقَدْ ضَيَّقَا عَلَيْنَا، واجعل لَنَا أَرْضَنَا قِطَعَ غِرَاسَةٍ وَحَرْثٍ، وأوحي لَنَا آبَاءَنَا وَأَجْدَادَنَا، / وَفُلاَناً وفُلاَناً، فنزلَتِ الآيةُ في ذلك معلمةً أنهم لا يُؤْمِنُونَ، ولو كان ذلك كله «٣» .
وقوله تعالى: أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا ... الآية:«يَيْئَس» : معناه: يعلم، وهي لغة هَوَازِنَ، وقرأ علي بن أبي طالب وابن عباس وجماعة:«أَفَلَمْ يَتَبَيَّن» ، ثم أخبر سبحانه عن كُفَّار قريشٍ والعرب أنهم لا يزالون تصيبهم قوارع من سرايا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وغزواته، ثم قال:«أَوْ تُحَلُّ أَنْتَ يَا محمَّد قريباً من دارهم» . [هذا تأويلُ ابنُ عَبَّاس وغيره «٤» .
وقال الحسنُ بن أبي الحَسَن: المعنى: أو تَحُلُّ القارعةُ قريباً من دارهم] «٥» ، ووَعْدُ اللَّهِ على قول ابن عباس وغيره: هو فَتْحُ مَكَّة، وقال الحسن: الآيةُ عامَّة في الكفّار إلى
(١) أخرجه الطبري (٧/ ٣٨٥) برقم: (٢٠٣٩٦) ، وذكره البغوي (٣/ ١٩) بنحوه، وابن عطية (٣/ ٣١٢) ، وابن كثير في «تفسيره» (٢/ ٥١٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ١١٦) ، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ. (٢) ينظر: «المحرر» (٣/ ٣١٢) . (٣) أخرجه الطبري (٧/ ٣٨٦) برقم: (٢٠٣٩٩) ، وذكره ابن عطية (٥/ ٣١٣) ، وابن كثير في «تفسيره» (٢/ ٥١٥) بنحوه، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ١١٦) ، وعزاه للطبراني، وأبي الشيخ، وابن مردويه. (٤) أخرجه الطبري (٧/ ٣٨٩) برقم: (٢٠٤١٧) ، وذكره البغوي (٣/ ٢٠) بنحوه، وابن عطية (٣/ ٣١٣) ، وابن كثير في «تفسيره» (٢/ ٥١٦) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ١١٩) ، وعزاه للطيالسي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وابن مردويه، والبيهقي في «الدلائل» . (٥) أخرجه الطبري (٧/ ٣٩١) برقم: (٢٠٤٣٦) ، وذكره ابن عطية (٣/ ٣١٣) ، وابن كثير في «تفسيره» (٢/ ٥١٦) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ١١٩) ، وعزاه لابن جرير.