وأن أسفله لمعرق، وأن أعلاه لمونق، وأن له لحلاوة، وأن عليه لطلاوة، وأنه ليعلو وما يعلى، ثم انصرف إلى منزله، فقالت قريش: لقد صبأ الوليد، والله، لئن صبأ لتصبون قريش كلها: وكان يقال للوليد ريحانة قريش، فقال أبو جهل:
أنا أكفيكموه، فانطلق أبو جهل حتى دخل على الوليد، فقعد إليه كشبه الحزين، فقال له الوليد: ما لي أراك يا بن أخي حزينا؟ فقال أبو جهل: ما يمنعني أن لا أحزن وهذه قريش «يجمعون «١» » لك نفقة ليعينوك على كبرك، ويزعمون أنك إنما زينت قول محمد لتصيب من فضل طعامه. فغضب الوليد عند ذلك، «وقال «٢» » : أو ليس قد علمت قريش أني من أكثرهم مالا وولدا، وهل يشبع محمد وأصحابه من الطعام فيكون لهم فضل؟ فقال أبو جهل: فإنهم يزعمون أنك إنما زينت قول محمد من أجل ذلك، فقام الوليد فانطلق مع أبي جهل، حتى أتى مجلس قومه بني مخزوم، فقال: تزعمون أن محمدا «كاهن «٣» » ، فهل «سمعتموه «٤» » يخبر بما يكون في غد؟ قالوا: اللهم لا. قال: وتزعمون أن محمدا «شاعر «٥» » فهل رأيتموه ينطق فيكم بشعر قط؟ قالوا: اللهم لا. قال: وتزعمون أن محمدا «كذاب «٦» ، فهل رأيتموه يكذب فيكم قط؟ قالوا: اللهم لا.
وكان يسمى محمد- صلى الله عليه وسلم- قبل النبوة الأمين، فبرأه من هذه
(١) «يجمعون» : كذا فى أ، ف: والأنسب «تجمع» . (٢) فى أ: «فقال» . (٣) فى أ: «كاهنا» ، وفى ف: «كاهن» . (٤) فى أ، ف: «سمعتم» والمروي فى كتب السيرة: «سمعتموه» . (٥) فى أ: «شاعرا» ، والصواب: «شاعر» . (٦) فى أ: «كذابا» ، وفى ف: «كذاب» .