لأن معه محمدا الإنسان الكامل (وهذا مما يدلّ على أن العروج كان بالروح والجسد، إذ لو كان بالروح فقط لما استفتح بل لدخل جبريل على عادته، ودخلت معه الروح التي هي من أمر الله، وهذا كاف للرد على القائلين به (أما القول الثالث بأنه كان في الرؤيا فغير محتاج للردّ لأنه مردود طبعا) ، قال له الحارس من أنت؟
قال جبريل، قال ومن معك؟ (إنما سأله لأن استفتاحه على غير عادته لأن الله أعطاه قوة الاختراق بحيث ينزل من السماء ويصعد إليها بأقل من لحظة) قال محمد، قال أوقد بعث إليه؟ قال نعم، قال الحمد لله، ففتح ودخلنا. قال صلّى الله عليه وسلم:
فلما نظر إليّ قال مرحبا بك يا محمد، ونعم المجيء مجيئك، فقلت يا جبريل من هذا؟ قال ملك اسمه إسماعيل خازن سماء الدنيا، وهو ينتظر قدومك، فدنوت منه وسلمت عليه، فردّ علي السلام وهنأني وقال أبشر، فإن الخير كله فيك وفي أمتك، قال جبريل يا محمد إن هذا الملك لم يهبط إلا عند قبض ملك الموت روحك الشريفة، فرأيت وإذا جنوده قائمون صفوفا لهم زجيل بالتسبيح، يقولون سبوحا سبوحا لرب الملائكة والروح، قدّوسا قدّوسا لرب الأرباب، سبحان العظيم الأعظم، وكانت قراءتهم سورة الملك، فرأيت فيهم كهيئة عثمان بن عفان، فقلت بم بلغت هذا؟ قال بصلاة الليل. التاسعة والثلاثون: قال ثم انتهيت إلى آدم عليه السلام، فإذا هو كهيئته يوم خلقه الله على غاية من الحسن والجمال، وكان تسبيحه سبحان الجليل الأجل، سبحان الواسع الغني، سبحان الله العظيم وبحمده، وإذا تعرض عليه أرواح ذريته المؤمنين، فيقول روح طيبة في جسد طيب، ويقول اجعلوها في عليّين، وتعرض عليه أرواح ذريته الكافرين فيقول روح خبيثة في جسد خبيث، ويقول اجعلوها في سجيّن، وذلك قبل أن تدخل السماء، لأن الله تعالى قال فيهم:(لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ) الآية ٣٩ من الأعراف المارة، قال صلّى الله عليه وسلم فنفذت وسلمت عليه، فقال مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح. الأربعون: قال صلّى الله عليه وسلم ورأيت رجالا لهم مشافر (شفاه) كمشافر الإبل، وفي أيديهم قطع من نار كالأفهار (الحجارة المستطيلة) التي كل واحدة منها ملء الكف يقذفونها بأفواههم فتخرج من أدبارهم، فقلت من هؤلاء يا جبريل؟ قال أكلة أموال اليتامى راجع الآية ٩