للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يصح على كل واحد منها ما يصح على الآخر من الأعراض، لأن قابلية ذلك العرض إن كان من لوازم تلك الماهية، فأينما حصلت الماهية حصل ذلك العرض، فلزم حصول تلك القابلية من إحراق وعدمه، فوجب أن يصحّ على كل منها ما يصح على الآخر، وإن لم يكن من لوازمها كان من عوارضها، فيعود الكلام فيه كما هو من لوازم الماهية، أي أينما وجد العرض وجدت القابلية، فإن سلم فيها وإلا دار الأمر وتسلسل، وذلك محال، فلا بد من القول بالصحة المذكورة، والله تعالى قادر على جميع الممكنات فيقدر على خلق مثل هذه الحركة السريعة في بدن المصطفى صلّى الله عليه وسلم أو في بدن ما يحمله أو فيهما معا، (وَما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ) الآية ١٩ من سورة إبراهيم في ج ٢. السابعة والثلاثون: قال ثم عرج بي حتى انتهيت إلى بحر أخضر عظيم، أعظم ما يكون من البحار، فقلت ما هذا يا جبريل؟

قال هذا بحر في الهواء لا شيء فوقه يتعلق به، ولا شيء تحته يقرّ عليه، ولا يدري قدر عمقه إلا الله تعالى، ولولا حيلولة هذا البحر لاحترق ما في الدنيا من حر الشمس. وهذا مما ينكره الفلكيون والطبيعيون ومن لا عقيدة له، ونحن نعترف به لأنا نعلم أن القادر على خلق الدود في الثلج والسندل في النار والسمك في الماء والطير في الهواء الذي علم البشر صنع الطائرات والراد والذرة والصواريخ وغيرها كالغواصات وشبهها قادر على ذلك وأكثر، فإن كان ما ورد فيه حقا عن حضرة الرسول وهو لا ينطق عن هوى فقد أصبنا الهدف وقدرنا الله حق قدره، وإلا فلا يضرنا أن نعتقد به لعلمنا بقدرة الله، بخلاف ما لو كذّبناه، وكان له حقيقة، فتكون ممن لم يقدر الله حق قدره. أنظر ما قاله تعالى على لسان مؤمن آل فرعون (وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ) الآية ٣٩ من سورة المؤمن في ج ٢، ونحن نخاف إن كذبنا أن يصيبنا وبال تكذيبنا ولهذا فإنا نصدق به لأن تصديق ما لا مضرة له في الدين أحسن من تكذيبه، فالتصديق له ما له والتكذيب فيه ما فيه. الثامنة والثلاثون: قال ثم انتهيت إلى السماء الدنيا واسمها رفيع، فأخذ جبريل بعضدي وضرب بابها وقال افتح.

اعلم أن جبريل لا يحتاج إلى فتح باب السماء لأنه لا يحجبه حاجب، وإنما استفتح

<<  <  ج: ص:  >  >>