للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبلها وكذلك اختراقه عليه السلام الفلك الأثيري وهو نار بقوة جعلها الله فيه حال الصعود والهبوط، والجسم الإنساني مهيأ مستعد لقبول الاحتراق والمانع من الاحتراق أمور يسلمها الخصم وهي الحجب التي خلقها الله تعالى في جسم المسري به فلم يكن عنده استعداد الانفعال للحرق كبعض الأجسام المطلية بما يمنعها من الاحتراق بالنار، والأجساد غير القابلة له كالورق غير المنحرق وجلد السندل الذي يعيش بالنار، أو أمر آخر وهو أن الطريق الذي اخترقه ليس النار فيه إلا محمولة في جسم لطيف، ذلك الجسم هو المحرق بالنار فسلب عنه النار وحل على ضدها، كنار إبراهيم عليه السلام الثابتة بالنص الإلهي أنها صارت على إبراهيم بردا وسلاما، راجع الآية ٦٩ من سورة الأنبياء في ج ٢، ومثله نار التنور الذي ألقي فيه موسى الوارد في تفسير الآية ٨ من سورة القصص المارة، فإن من جعلها بردا وسلاما على خليله إبراهيم وكليمه موسى قادر على أن يجعلها على حبيبه محمد كذلك. هذا، وان استحالة البعد الشاسع مرفوعة عنه صلّى الله عليه وسلم، إذ ثبت علميا أن مسافة قطر الأرض كلها ألفان وخمسمائة وأربعون فرسخا ونصف فرسخ، وان مسافة قطر كرة الشمس خمسة أمثال ونصف مثل قطر جرم الأرض، وذلك أربعة عشر ألف فرسخ، وان طرف قطرها المتأخر يصل إلى موضع طرف المتقدم في ثلثي دقيقة، فتقطع الشمس بحركة الفلك الأعظم أربعة عشر ألف فرسخ في ثلثي دقيقة من ساعة مستوية، راجع الآية ٣٤ من سورة الأعراف المارة تعرف المستوية والمعوجة، فالذي يعطي هذه القوة العظيمة للشمس ويسير المراكب التي هي كالجبال في البحر والطائرات كالقلاع في الهواء وكذلك الصواريخ الجسيمة وينقل الصوت من وراء البحار مسافة آلاف من الأميال بقوة النار والكهرباء والبخار مما علمه البشر، أما يمنح تلك القوة حبيبه محمدا صلّى الله عليه وسلم؟ بلى يعطيه ذلك وأكثر وأعظم، ولا يستعظم هذا على الله الذي قبضته الأرض والسموات مطويات بيمينه (راجع الآية ٦٧ من الأنبياء في ج ٢) ألا من لم يؤمن به الداخل في قوله تعالى (بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ) إلخ الآية ٣٩ من سورة يونس في ج ٢. هذا، وقد ذكر الإمام في الأربعين أن الأجسام متساوية في الذوات والحقائق، وإذا كان كذلك وجب

<<  <  ج: ص:  >  >>