فقال إسْحَاق: حفظتُه من كتاب جدِّك، وأنا وهو في كُتَّاب واحدٍ.
فقال إبراهيم للأمير: أصلحك الله، كذبَ إسْحَاقُ (١) على جَدِّي.
فقال إسْحَاق: يبعثُ الأميرُ إلى جزء كذا وكذا من «الجامع» فَلْيُحْضِرْهُ، فأُتي بالكتاب، فجعل الأمير يقلِّب الكتاب.
فقال إسْحَاق: عُدَّ مِنْ أوَّلِ الكتابِ إحدى وعشرين ورقةً، ثمَّ عُدَّ تسعةَ أسطرٍ. ففعلَ، فإذا المسألةُ على ما قال إسْحَاقُ.
فقال عبد الله بن طاهر: ليس العَجَبُ مِنْ حفظك إنَّما العجبُ بمثل هذه المشاهدة.
فقال إسْحَاق: ليومٍ مثل هذا، لكي يخزي الله على يدي عدوًا للسنَّة مثل هذا (٢).
وقال له عبد الله بن طاهر: قيل لي إنك تحفظ مائة ألف حديث! فقال له: مائة ألف، لا أدري ما هو، ولكني ما سمعتُ شيئًا قط إلا حفظتُه، ولا حفظتُ شيئًا قط فنسيته (٣).
والمقصود: صحَّة فراسةِ الفضل بن موسى فيه وأنَّه يكون رأسًا في الخير. والله أعلم.
(١) ساقطة من «أ». (٢) انظر: تاريخ بغداد للخطيب: ٦/ ٣٥٣ ـ ٣٥٤. (٣) تاريخ بغداد للخطيب: ٦/ ٣٥٤.