للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسمع بالقيروان من: أبي محمد بن أبي زيد، وأبي الحسن القَابسيّ، وغيرهم.

قال صاحبه أبو عمر بن مَهْديّ المقرئ: كان رحِمه الله من أهل التَّبَحُّر في علوم القرآن، والعربيّة، حَسَن الفَهْم والخُلُق، جيّد الدِّين والعقل، كثير التّأليف في علوم القرآن، محسنًا لذلك، مجوِّدًا للقراءات السَّبْع، عالمًا بمعانيها.

وُلِد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة بالقيروان. فأخبرني أنّه سافر إلى مصر وهو ابن ثلاث عشرة سنة، واختلف إلى المؤدِّبين بالحساب، وأكمل القرآن بعد ذلك.

ثمّ رجع فأكمل القراءات على أبي الطّيّب سنة ستٍّ وسبعين وثلاثمائة.

وقرأ القراءات بالقيروان سنة سبْعٍ وسبعين. ثمّ نهض إلى مصر وحجّ.

وابتدأ بالقراءات بمصر، ثمّ عاد، ثمّ رجع إلى مصر سنة اثنتين وثمانين، وعاد إلى بلاده سنة ثلاثٍ، فأقرأ القراءات.

ثمّ خرج سنة سبْعٍ وثمانين فحجّ وجاورَ بمكّة، فحجَّ أربع حججٍ متوالية، ودخل إلى الأندلس في سنة ثلاثٍ وتسعين. وجلس للإقراء بجامع قُرْطُبة وعظُم اسمه وجلَّ قدْرُه.

قال ابن بشْكُوال: ثمّ قلّده أبو الحزْم جَهْوَر خَطَابة قُرْطُبة بعد وفاة يونس بن عبد الله القاضي.

وكان قبل ذلك ينوب عن يونس في الخطبة. وكان ضعيفًا عليه على أدبه وفهْمه.

وله ثمانون تأليفًا. وكان خيِّرًا، فاضلًا، متديِّنًا، متواضعًا، مشهورًا بالصّلاح وإجابة الدّعوة.

حكى أبو عبد الله الطّرفيّ قال: كان عندنا رجلٌ فيه حِدَّة، وكان له على الشّيخ أبي محمد مكّيّ تسلُّط، كان يدنو منه إذا خطب فيغمزه ويُحْصِي عليه سقطاته، وكان الشيخ كثيرًا ما يتعلثم ويتوقَّف، فجاء ذلك الرّجل في بعض الْجُمَع وجعل يحدّ النَّظر إلى الشّيخ ويغمزه، فلمّا خرج ونزل معنا في موضعه، قال: أمِّنوا على دعائي.

ثمّ رفع يديه وقال: اللهمَّ اكْفِنِيه، اللهمَّ اكْفِنِيه، اللَّهُمَّ اكفنيه. فأمَّنّا.

قال: فأُقْعِد ذلك الرّجل وما دخل الجامع بعد ذلك اليوم.

وقال ابن حَيّان: تُوُفّي ثاني يوم المحرَّم، وصلّى عليه ابنه أبو طالب محمد. قلت: