للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورحل إلى قُرْطُبَة، فأخذ عَنْ: عَبْد المُلْك بْن سِراج، وأبي عليّ الغسّانيّ، ومحمد بْن فرج.

وكتان حسن السَّمْت، وافر العقل، مليح المَلْبَس.

تفقَّه بِهِ أهل سَبْتَة، وكان يُسمّى: الفقيه العامل.

تفقَّه عَليْهِ: أبو محمد بْن شَبُونَة، والقاضي عِياض، وأبو بَكْر بْن صلاح.

ورحل إليه النّاس مِن النُواحي، وبَعُد صِيته، واشتهر اسمُه، ونَجَب مِن أصحابه خلْق.

وكان خيّرًا، رقيق القلب، سريع الدّمْعَة، مُؤْثرًا للطَّلَبَة.

بنى جامع سَبْتَة، وعَزَل نفسه مِن القضاء بأخرة. ثمّ ولّوه قضاء الجماعة بفاس، فلم تُعجبه الغُربة، فرجع، وتُوُفّي بسَبْتَة في جُمَادَى الآخرة.

قاله تلميذه أبو عَبْد الله محمد بْن حمادة الفقيه، وبالغ في تعظيمه حتّى قَالَ: كَانَ إمام المغرب في وقته. ولم يكن في قُطْر مِن الأقطار منذ يحيى بْن يحيى الأندلسيّ مِن حَمَل النّاس عَنْهُ أكثر منه، ولا أكثر نجابةً مِن أصحابه.

وقال عياض١: مولده سنة ثمان وعشرين وأربعمائة.

١٢٢- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد٢. الإمام زين الدّين أبو حَامد الغزّاليّ، الطّوسيّ، الفقيه الشّافعيّ، حُجّة الإسلام.

قرأ قطعة مِن الفقه بطُوس عَلَى أحمد الرّاذكَانيّ٣، ثمّ قِدم نيسابور في طائفة مِن طَلَبة الفقه، فجدّ واجتهد، ولزِم إمام الحرمين أبا المعالي حتّى تخرَّج عن مدّة قريبة، وصار أنْظَرَ أهل زمانه، وواحد أقرانه، وأعادً للطّلبة، وأخذ في التّصنيف والتّعليق.

وكان الإمام أبو المعالي مَعَ عُلُوّ درجته وفرط ذكائه، لا يطيب له تصديه


١ في ترتيب المدارك "٤/ ٥٨٤".
٢ المنتظم "٩/ ١٦٨-١٧٠"، وسير أعلام النبلاء "١٩/ ٣٢٢-٣٤٦"، والعبر "٤/ ١٠"، والبداية والنهاية "١٢/ ١٧٣، ١٧٤".
٣ الراذكاني: نسبة إلى راذكان بليدة بأعالي طوس "الأنساب "٦/ ٣٧".