وفي ذلك أنزل الله تعالى في سورة الكهف:{وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآَبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا}[الكهف: ٤].
يعني بالكلمة قولهم:"إن الملائكة بنات الله".
وفي هذا المعنى نزل أيضا قوله:{وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} إلى قوله: {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ}[الأنبياء: ٢٦].
وقد نطق الكتاب العزيز بعبادة المشركين للملائكة (١)، قال الله تعالى:{وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ}[الزخرف: ١٩]. وقرئ في السبع:{الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ}. (٢)
وقوله:{مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ} مردود على الآية المتقدمة، أي مالهم بجعلهم الملائكة إناثا، وقولهم الملائكة بنات الله من علم، وقد وبخهم الله تعالى على ذلك بقوله:{أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ}، وأكثر القراء يقرؤونه أشَهدوا خلقهم (بفتح الشين) وهمزة واحدة مفتوحة (٣).
(١) كذا في (ب)، وفي (أ): الملائكة. (٢) قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر: عند الرحمن، وقرأها الباقون بالباء، كما في الحجة (٦/ ١٤٠). (٣) انظر الحجة (٦/ ١٤١).