الْكَلْبِيُّ: أَصَابَ خَمْسِينَ بَعِيرًا. وَفِي رِوَايَةٍ: فَأَفْلَتَ ابْنُهُ مِنَ الْأَسْرِ وَرَكِبَ نَاقَةً لِلْقَوْمِ، وَمَرَّ فِي طَرِيقِهِ بِسَرْحٍ لَهُمْ فَاسْتَاقَهُ وَقَالَ مُقَاتِلٌ: أَصَابَ غَنَمًا وَمَتَاعًا فَسَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيَحِلُّ لِي أَنْ آكُلَ مِمَّا أَتَى بِهِ ابْنِي؟ قَالَ: (نَعَمْ). وَنَزَلَتْ: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ. فَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنِ انْقَطَعَ إِلَى اللَّهِ كَفَاهُ اللَّهُ كُلَّ مَئُونَةٍ وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ. وَمَنِ انْقَطَعَ إِلَى الدُّنْيَا وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَيْهَا (. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: أَيْ إِذَا اتَّقَى وَآثَرَ الْحَلَالَ وَالتَّصَبُّرَ عَلَى أَهْلِهِ، فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ ذَا ضِيقَةٍ وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال: (من أَكْثَرَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلٍّ هَمٍّ فَرَجًا وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ). قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) أَيْ مَنْ فَوَّضَ إِلَيْهِ أَمْرَهُ كَفَاهُ مَا أَهَمَّهُ. وَقِيلَ: أَيْ مَنِ اتَّقَى اللَّهَ وَجَانَبَ الْمَعَاصِي وَتَوَكَّلَ عَلَيْهِ، فَلَهُ فِيمَا يُعْطِيهِ فِي الْآخِرَةِ مِنْ ثَوَابِهِ كِفَايَةٌ. وَلَمْ يُرِدِ الدُّنْيَا، لِأَنَّ الْمُتَوَكِّلَ قَدْ يُصَابُ فِي الدُّنْيَا وَقَدْ يُقْتَلُ. (إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ) قَالَ مَسْرُوقٌ: «١» أَيْ قَاضٍ «٢» أَمْرَهُ فِيمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ وَفِيمَنْ لَمْ يَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ، إِلَّا أَنَّ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ فَيُكَفِّرَ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا. وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ" بَالِغٌ" مُنَوَّنًا." أَمْرَهُ" نَصْبًا. وَقَرَأَ عَاصِمٌ" بَالِغُ أَمْرِهِ" بِالْإِضَافَةِ وَحَذْفِ التَّنْوِينِ اسْتِخْفَافًا وَقَرَأَ الْمُفَضَّلُ" بَالِغًا أَمْرُهُ" عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: قَدْ جَعَلَ اللَّهُ خَبَرُ إِنَّ وَ" بَالِغًا" حَالَ. وَقَرَأَ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ" بَالِغٌ أَمْرُهُ" بِالتَّنْوِينِ وَرَفْعِ الرَّاءِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: أَيْ أَمْرُهُ بَالِغٌ. وَقِيلَ:" أَمْرُهُ" مُرْتَفِعٌ" بِ" بَالِغٌ" وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: بَالِغُ أَمْرِهِ مَا أَرَادَ. (قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) أي لكل شي مِنَ الشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ
أَجَلًا يَنْتَهِي إِلَيْهِ. وَقِيلَ تَقْدِيرًا. وَقَالَ السُّدِّيُّ: هُوَ قَدْرُ الْحَيْضِ فِي الْأَجَلِ وَالْعِدَّةِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَافِعٍ: لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ قَالَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَنَحْنُ إِذَا تَوَكَّلْنَا عَلَيْهِ نُرْسِلُ مَا كَانَ لَنَا وَلَا نَحْفَظُهُ، فَنَزَلَتْ: إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ
(١). ما بين المربعين ساقط من ح، س.(٢). في الأصول:" يعنى قاض"
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute