بِقَوْلِهِ لِلْعَرَبِيِّ: يَا عَجَمِيُّ، وَلِلْعَجَمِيِّ: يَا عَرَبِيُّ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يَقَعُ بِهِ النَّفْيُ حَقِيقَةً. انْتَهَى. الرَّابِعَةُ- ذَهَبَ قَوْمٌ مِنَ الْأَوَائِلِ إِلَى أَنَّ الْجَنِينَ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ مَاءِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ، وَيَتَرَبَّى فِي رَحِمِ الْأُمِّ، وَيَسْتَمِدُّ مِنَ الدَّمِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ. وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:" أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ. فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ" «١» [المرسلات: ٢١]. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:" ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ"»
[السجدة: ٨]. وَقَوْلُهُ:" أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى " «٣» [القيامة: ٣٧]. فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْخَلْقَ مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْخَلْقَ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ مَاءِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ لِهَذِهِ الْآيَةِ، فَإِنَّهَا نَصٌّ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:" خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ. يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ" «٤» [الطارق: ٦] وَالْمُرَادُ مِنْهُ أَصْلَابُ الرِّجَالِ وَتَرَائِبُ النِّسَاءِ، عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ. وَأَمَّا مَا احْتَجُّوا بِهِ فَلَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنَ الْمَاءِ وَالسُّلَالَةِ وَالنُّطْفَةِ وَلَمْ يُضِفْهَا إِلَى أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ دُونَ الْآخَرِ. فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ وَالسُّلَالَةَ لَهُمَا وَالنُّطْفَةَ مِنْهُمَا بِدَلَالَةِ مَا ذَكَرْنَا. وَبِأَنَّ الْمَرْأَةَ تُمْنِي كَمَا يُمْنِي الرَّجُلُ، وَعَنْ ذَلِكَ يَكُونُ الشَّبَهُ، حَسْبَ مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي آخِرِ" الشُّورَى" «٥». وَقَدْ قَالَ فِي قِصَّةِ نُوحٍ" فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ" «٦» [القمر: ١٢] وَإِنَّمَا أَرَادَ مَاءَ السَّمَاءِ وَمَاءَ الْأَرْضِ، لِأَنَّ الِالْتِقَاءَ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنَ اثْنَيْنِ، فَلَا يُنْكَرُ أَنْ يَكُونَ" ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ" [السجدة: ٨]. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:" أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ" [المرسلات: ٢١] وَيُرِيدُ مَاءَيْنِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الْخَامِسَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا" الشُّعُوبُ رُءُوسُ الْقَبَائِلِ، مِثْلُ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ وَالْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، وَاحِدُهَا" شَعْبٌ" بفتح الشين، سموا به
(١). آية ٢٠، ٢١ سورة المرسلات.(٢). آية ٨ سورة السجدة.(٣). آية ٣٧ سورة القيامة. [ ..... ](٤). آية ٦، ٧ سورة الطارق.(٥). راجع ص ٥٠ من هذا الجزء.(٦). آية ١٢ سورة القمر.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute