فِي" النِّسَاءِ" الْقَوْلُ فِيهِ «١». وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ:" مَعَرَّةٌ" إِثْمٌ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَابْنُ إِسْحَاقَ: غُرْمُ الدِّيَةِ. قُطْرُبٌ: شِدَّةٌ. وَقِيلَ غَمٌّ. الثَّالِثَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى:" بِغَيْرِ عِلْمٍ" تَفْضِيلٌ لِلصَّحَابَةِ وَإِخْبَارٌ عَنْ صِفَتِهِمُ الْكَرِيمَةِ مِنَ الْعِفَّةِ عَنِ الْمَعْصِيَةِ وَالْعِصْمَةِ عَنِ التَّعَدِّي، حَتَّى لَوْ أَنَّهُمْ أَصَابُوا مِنْ ذَلِكَ أَحَدًا لَكَانَ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ. وَهَذَا كَمَا وَصَفَتِ النَّمْلَةُ عَنْ جُنْدِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قَوْلِهَا:" لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ" «٢» [النمل: ١٨]. قَوْلُهُ تَعَالَى:" لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا" فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى:" لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ" اللَّامُ فِي" لِيُدْخِلَ" مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ، أَيْ لَوْ قَتَلْتُمُوهُمْ لَأَدْخَلَهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ. وَيَجُوزُ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِالْإِيمَانِ. وَلَا تُحْمَلُ عَلَى مُؤْمِنِينَ دُونَ مُؤْمِنَاتٍ وَلَا عَلَى مُؤْمِنَاتٍ دُونَ مُؤْمِنِينَ، لِأَنَّ الْجَمِيعَ يَدْخُلُونَ فِي الرَّحْمَةِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى لَمْ يَأْذَنِ اللَّهُ لَكُمْ فِي قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ لِيُسْلِمَ بَعْدَ الصُّلْحِ مَنْ قَضَى أَنْ يُسْلِمَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَكَذَلِكَ كَانَ أَسْلَمَ الْكَثِيرُ مِنْهُمْ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَدَخَلُوا فِي رَحْمَتِهِ، أَيْ جَنَّتَهُ. الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى:" لَوْ تَزَيَّلُوا" أَيْ تَمَيَّزُوا، قَالَهُ الْقُتَبِيُّ. وَقِيلَ: لَوْ تَفَرَّقُوا، قَالَهُ الْكَلْبِيُّ. وَقِيلَ: لَوْ زَالَ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِ الْكُفَّارِ لَعُذِّبَ الْكُفَّارُ بِالسَّيْفِ، قَالَهُ الضَّحَّاكُ. وَلَكِنَّ اللَّهَ يَدْفَعُ بِالْمُؤْمِنِينَ عَنِ الْكُفَّارِ. وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ" لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا" فَقَالَ:] هُمُ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَجْدَادِ نَبِيِّ اللَّهِ وَمَنْ كَانَ بَعْدَهُمْ وَفِي عَصْرِهِمْ كَانَ فِي أَصْلَابِهِمْ قَوْمٌ مُؤْمِنُونَ فَلَوْ تَزَيَّلَ الْمُؤْمِنُونَ عَنْ أَصْلَابِ الْكَافِرِينَ لَعَذَّبَ اللَّهُ تَعَالَى الْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا [. الثَّالِثَةُ- هَذِهِ الْآيَةُ دَلِيلٌ عَلَى مُرَاعَاةِ الْكَافِرِ فِي حُرْمَةِ الْمُؤْمِنِ، إذ لا يمكن أذائه الْكَافِرِ إِلَّا بِأَذِيَّةِ الْمُؤْمِنِ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ قَوْمًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِي حِصْنٍ مِنْ حُصُونِهِمْ، حَصَرَهُمْ أَهْلُ الْإِسْلَامِ وَفِيهِمْ قَوْمٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أُسَارَى في أيديهم،
(١). راجع ج ٥ ص (٣٢٣)(٢). آية ١٨ سورة النمل.] [
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute