شَيْئًا وَهَوِيَهُ اتَّخَذَهُ إِلَهًا. قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: كَانَ أَحَدُهُمْ يَعْبُدُ الْحَجَرَ، فَإِذَا رَأَى مَا هُوَ أَحْسَنُ مِنْهُ رَمَى بِهِ وَعَبَدَ الْآخَرَ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ السَّهْمِيِّ أَحَدُ الْمُسْتَهْزِئِينَ، لِأَنَّهُ كَانَ يَعْبُدُ مَا تَهْوَاهُ نَفْسُهُ. وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: إِنَّمَا عَبَدُوا الْحِجَارَةَ لِأَنَّ الْبَيْتَ حِجَارَةٌ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى أَفَرَأَيْتَ مَنْ يَنْقَادُ لِهَوَاهُ وَمَعْبُودِهِ تَعْجِيبًا لِذَوِي الْعُقُولِ مِنْ هَذَا الْجَهْلِ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ: فِي هَذِهِ الْآيَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، مَجَازُهُ: أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ هَوَاهُ إِلَهَهُ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: إِنَّمَا سُمِّيَ الْهَوَى] هَوًى [لِأَنَّهُ يَهْوِي بِصَاحِبِهِ فِي النَّارِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا ذَكَرَ اللَّهُ هَوًى فِي الْقُرْآنِ إِلَّا ذَمَّهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ"»
[الأعراف: ١٧٦]. وَقَالَ تَعَالَى:" وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً" «٢» [الكهف: ٢٨]. وَقَالَ تَعَالَى" بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ «٣» اللَّهُ" [الروم: ٢٩]. وَقَالَ تَعَالَى:" وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ" «٤» [القصص: ٥٠]. وَقَالَ تَعَالَى:" وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ" «٥» [ص: ٢٦]. وقال عبد الله ابن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ". وَقَالَ أَبُو أُمَامَةَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:" مَا عُبِدَ تَحْتَ السَّمَاءِ إِلَهٌ أَبْغَضُ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْهَوَى". وَقَالَ شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ. وَالْفَاجِرُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ (. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ:" إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا وَهَوًى مُتَّبَعًا وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ فَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدَعْ عَنْكَ أَمْرَ الْعَامَّةِ". وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ وَثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ فَالْمُهْلِكَاتُ شُحٌّ مُطَاعٌ وَهَوًى مُتَّبَعٌ وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ. وَالْمُنْجِيَاتُ خَشْيَةُ اللَّهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ وَالْقَصْدُ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ وَالْعَدْلُ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ". وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِذَا أَصْبَحَ الرَّجُلُ اجْتَمَعَ هَوَاهُ وَعَمَلُهُ وَعِلْمُهُ، فَإِنْ كان عمله
(١). آية ١٧٦ سورة الأعراف.(٢). آية ٢٨ سورة الكهف.(٣). آية ٢٩ سورة الروم.(٤). آية ٥٠ سورة القصص.(٥). آية ٢٦ سورة ص.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute