وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْوَفَاءَ يَسْتَحِقُّ صَاحِبُهُ الْحَمْدَ وَالشُّكْرَ، وَعَلَى الْخُلْفِ الذَّمَّ. وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى مَنْ صَدَقَ وَعْدَهُ، وَوَفَى بِنَذْرِهِ، وَكَفَى بِهَذَا مَدْحًا وَثَنَاءً، وَبِمَا خَالَفَهُ ذَمًّا. الرَّابِعَةُ- قَالَ مَالِكٌ: إِذَا سَأَلَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ أَنْ يَهَبَ لَهُ الْهِبَةَ فَيَقُولُ لَهُ نَعَمْ، ثُمَّ يَبْدُو لَهُ أَلَّا يَفْعَلَ فَمَا أَرَى يَلْزَمُهُ. قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ فَسَأَلَهُ أَنْ يَقْضِيَهُ عَنْهُ فَقَالَ نَعَمْ، وَثَمَّ رِجَالٌ يَشْهَدُونَ عَلَيْهِ فَمَا أَحْرَاهُ أَنْ يَلْزَمَهُ إِذَا شَهِدَ عَلَيْهِ اثْنَانِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَسَائِرُ الفقهاء: إن العدة لا يلزم منها «١» شي لِأَنَّهَا مَنَافِعُ لَمْ يَقْبِضْهَا فِي الْعَارِيَةِ لِأَنَّهَا طَارِئَةٌ، وَفِي غَيْرِ الْعَارِيَةِ هِيَ أَشْخَاصٌ وَأَعْيَانٌ مَوْهُوبَةٌ لَمْ تُقْبَضْ فَلِصَاحِبِهَا الرُّجُوعُ فِيهَا. وَفِي الْبُخَارِيِّ" وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ"، وَقَضَى ابْنُ أَشْوَعَ بِالْوَعْدِ وَذُكِرَ ذَلِكَ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ. قَالَ الْبُخَارِيُّ «٢»: وَرَأَيْتُ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ يَحْتَجُّ بِحَدِيثِ ابْنِ أَشْوَعَ. الْخَامِسَةُ- (وَكانَ رَسُولًا نَبِيًّا) قِيلَ: أُرْسِلَ إِسْمَاعِيلُ إِلَى جُرْهُمَ. وَكُلُّ الْأَنْبِيَاءِ كَانُوا إِذَا وَعَدُوا صَدَقُوا، وَخَصَّ إِسْمَاعِيلَ بِالذِّكْرِ تَشْرِيفًا لَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. السَّادِسَةُ- (وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ) قَالَ الْحَسَنُ: يَعْنِي أُمَّتَهُ. وَفِي حَرْفِ ابْنِ مَسْعُودٍ" وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ جُرْهُمَ وَوَلَدَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ". (وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا)
أَيْ رَضِيًّا زَاكِيًا صَالِحًا. قَالَ الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ: مَنْ قَالَ مَرْضِيٌّ بَنَاهُ عَلَى رَضِيتُ قَالَا: وَأَهْلُ الْحِجَازِ يَقُولُونَ: مَرْضُوٌّ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ: مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ رِضَوَانِ «٣» وَرِضَيَانِ فَرِضَوَانِ عَلَى مَرْضُوٍّ، وَرِضَيَانِ عَلَى مَرْضِيٍّ وَلَا يُجِيزُ الْبَصْرِيُّونَ أَنْ يَقُولُوا إِلَّا رِضَوَانِ وَرِبَوَانِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ الزَّجَّاجَ يَقُولُ: يُخْطِئُونَ فِي الْخَطِّ فَيَكْتُبُونَ رِبًا بِالْيَاءِ ثُمَّ يُخْطِئُونَ فِيمَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ هَذَا فَيَقُولُونَ رِبَيَانِ وَلَا يَجُوزُ إِلَّا رِبَوَانِ وَرِضَوَانِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ «٤» النَّاسِ ٣٠: ٣٩".
(١). في ى: لا يلزم فيها بشيء.(٢). قاله في (التاريخ الأوسط) كما في (تهذيب التهذيب).(٣). أي في تثنية الرضا.(٤). راجع ج ١٣ ص ٣٦.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute