وَقَدْ يَقَعُ اسْمُ الْجِنْسِ عَلَى النَّوْعِ، فَيُقَالُ: أَكَلْتُ طَعَامَ زَيْدٍ، أَيْ بَعْضَ طَعَامِهِ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَأَبُو الْعَالِيَةِ:" أُحْكِمَتْ آياتُهُ" بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ. (ثُمَّ فُصِّلَتْ) بِالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: أَحْكَمَهَا اللَّهُ مِنَ الْبَاطِلِ، ثُمَّ فَصَّلَهَا بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ. مُجَاهِدٌ: أُحْكِمَتْ جُمْلَةً، ثُمَّ بُيِّنَتْ بِذِكْرِ آيَةٍ آيَةٍ بِجَمِيعِ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الدَّلِيلِ عَلَى التَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ وَالْبَعْثِ وَغَيْرِهَا. وَقِيلَ: جُمِعَتْ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، ثُمَّ فُصِّلَتْ فِي التَّنْزِيلِ. وَقِيلَ:" فُصِّلَتْ" أُنْزِلَتْ نَجْمًا نَجْمًا لِتُتَدَبَّرَ. وَقَرَأَ عِكْرِمَةُ" فُصِلَتْ" مُخَفَّفًا أَيْ حُكِمَتْ بِالْحَقِّ." (مِنْ لَدُنْ) " أَيْ مِنْ عِنْدِ." (حَكِيمٍ) " أَيْ مُحْكِمٌ لِلْأُمُورِ. (خَبِيرٍ) بِكُلِّ كَائِنٍ وَغَيْرِ كائن. قوله تعالى (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ) قَالَ الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ: أَيْ بِأَلَّا، أَيْ أُحْكِمَتْ ثُمَّ فُصِّلَتْ بِأَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ. قَالَ الزَّجَّاجُ: لِئَلَّا، أَيْ أُحْكِمَتْ ثُمَّ فُصِّلَتْ لِئَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ. قِيلَ: أَمَرَ رَسُولَهُ أَنْ يَقُولَ لِلنَّاسِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ. (إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ) أَيْ مِنَ اللَّهِ. (نَذِيرٌ) أَيْ مُخَوِّفٌ مِنْ عَذَابِهِ وَسَطْوَتِهِ لِمَنْ عَصَاهُ. (وَبَشِيرٌ) بِالرِّضْوَانِ وَالْجَنَّةِ لِمَنْ أَطَاعَهُ. وَقِيلَ: هُوَ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ أَوَّلًا وَآخِرًا، أَيْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ، أَيِ اللَّهُ نَذِيرٌ لَكُمْ مِنْ عِبَادَةِ غَيْرِهِ، كَمَا قَالَ:" وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ" «١» [آل عمران: ٢٨]. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ) عَطْفٌ عَلَى الْأَوَّلِ. (ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) أَيِ ارْجِعُوا إِلَيْهِ بِالطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ. قَالَ الْفَرَّاءُ:" ثُمَّ" هُنَا بِمَعْنَى الْوَاوِ، أَيْ وَتُوبُوا إِلَيْهِ، لِأَنَّ الِاسْتِغْفَارَ هُوَ التَّوْبَةُ، وَالتَّوْبَةَ هِيَ الِاسْتِغْفَارُ. وَقِيلَ: اسْتَغْفِرُوهُ مِنْ سَالِفِ ذُنُوبِكُمْ، وَتُوبُوا إِلَيْهِ مِنَ الْمُسْتَأْنَفِ مَتَى وَقَعَتْ مِنْكُمْ. قَالَ بَعْضُ الصُّلَحَاءِ: الِاسْتِغْفَارُ بِلَا إِقْلَاعٍ تَوْبَةُ الْكَذَّابِينَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى فِي" آلِ عِمْرَانَ" «٢» مُسْتَوْفًى. وَفِي" الْبَقَرَةِ" «٣» عِنْدَ قوله:" وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّهِ هُزُواً" [البقرة: ٢٣١]. وَقِيلَ: إِنَّمَا قَدَّمَ ذِكْرَ الِاسْتِغْفَارِ لِأَنَّ الْمَغْفِرَةَ هِيَ الْغَرَضُ الْمَطْلُوبُ، وَالتَّوْبَةَ هِيَ السَّبَبُ إِلَيْهَا، فَالْمَغْفِرَةُ أَوَّلٌ فِي الْمَطْلُوبِ وَآخِرٌ فِي السَّبَبِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى اسْتَغْفِرُوهُ مِنَ الصَّغَائِرِ، وَتُوبُوا إِلَيْهِ مِنَ الْكَبَائِرِ. (يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً)
(١). راجع ج ٤ ص ٥٨ وص ٢١٠.(٢). راجع ج ٤ ص ٥٨ وص ٢١٠.(٣). راجع ج ٣ ص ١٥٦ [ ..... ]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute