للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما القياس الفاسد: فهو الذي ترد عليه الأدلة التي ذكرها الظاهرية وتدل على بطلانه، ولا شك أنه باطل، وأنه ليس من الدين كما قالوا، وكما هو الحق.

وأما القياس الصحيح: فلا يرد عليه شيء من تلك الأدلة، ولا يناقض بعضه بعضًا، ولا يناقض البتة نصًّا صحيحًا من كتاب أو سنة. فكما لا تتناقض دلالة النصوص الصحيحة، فإنه لا تتناقض دلالة الأقيسة الصحيحة، ولا دلالة النص الصريح والقياس الصحيح، بل كلها متصادقة متعاضدة متناصرة، يصدق بعضها بعضًا، ويشهد بعضها لبعض. فلا يناقض القياس الصحيح النص الصحيح أبدًا.

وضابط القياس الصحيح: هو أن تكون العلة التي علق الشارع بها الحكم وشرعه من أجلها موجودة بتمامها في الفرع من غير معارض في الفرع يمنع حكمها فيه. وكذلك القياس المعروف بـ"القياس في معنى الأصل" الذي هو الإلحاق بنفي الفارق المؤثر في الحكم؛ فمثل ذلك لا تأتي الشريعة بخلافه، ولا يعارض نصًّا، ولا يتعارض هو في نفسه. وسنضرب لك أمثلة من ذلك. تستدل بها على جهل الظاهرية القادح الفاضح، وقولهم على الله وعلى رسوله وعلى دينه أبطل الباطل، الذي لا يشك عاقل في بطلانه، وعظم ضرره على الدين؛ بدعوى أنهم واقفون مع النصوص، وأن كل ما لم يصرح بلفظه في كتاب أو سنة فهو معفو عنه، ولو صرح بعلة الحكم المشتملة على مقصود الشارع من حكمة التشريع، فأهدروا المصالح المقصودة من التشريع، وقالوا على الله ما يقتضي أنه يشرع المضار الظاهرة لخلقه.