تعالى:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}؛ قالوا: فدل هذا النص على أن ما لم يأذن به الله من الدين فهو شرع غيره الباطل.
قالوا: وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ربه تبارك وتعالى: أن كل ما سكت عن إيجابه أو تحريمه فهو عفو عفا عنه لعباده، مباح إباحة العفو، فلا يجوز تحريمه ولا إيجابه قياسًا على ما أوجبه أو حرمه بجامع بينهما، فإن ذلك يستلزم رفع هذا القسم بالكلية وإلغاءه، إذ المسكوت عنه لابد أن يكون بينه وبين المحرم شبه ووصف جامع، وبينه وبين الواجب. فلو جاز إلحاقه به لم يكن هناك قسم قد عفا عنه؛ ولم يكن ما سكت عنه قد عفا عنه، بل يكون ما سكت عنه قد حرمه قياسًا على ما حرمه، وهذا لا سبيل إلى دفعه، وحينئذ فيكون تحريم ما سكت عنه تبديلًا لحكمه. وقد ذم الله تعالى من بدل غير القول الذي أمر به، فمن بدل غير الحكم الذي شرع له فهو أولى بالذم، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن من أعظم المسلمين في المسلمين جرمًا: من سأل عن شيء لم يحرم فحرم على الناس من أجل مسألته" فإذا كان هذا فيمن تسبب إلى تحريم الشارع صريحًا بمسألته عن حكم ما سكت عنه، فكيف بمن حرم المسكوت عنه بقياسه ورأيه!! يوضحه أن المسكوت عنه لما كان عفوًا عفا الله لعباده عنه، وكان البحث عنه سببًا لتحريم الله إياه لما فيه من مقتضى التحريم لا لمجرد السؤال عن حكمه، وكان الله قد عفا عن ذلك وسامح به عباده كما يعفو عما فيه مفسدة من أعمالهم وأقوالهم. فمن المعلوم أن سكوته عن ذكر لفظ عام يحرمه؛ يدل على أنه عفو منه، فمن حرمه بسؤاله عن علة التحريم وقياسه على