وإنما كانت خافضةً على حكم سائر الظروف غير المتصرّفة، ويقتضي هذا الإطلاقُ جَرَّ ((غدوة)) أيضا، وأن يقال: سرت من لدن غُدْوَةٍ إلى العَصْرِ، وهو نصّه في الشرح أنّ الجرّ بها مع ((غدوة)) جائز على القياس، وانما ينصب غدوةٌ بعدها ندوراً، وذلك قوله:((ونصبُ غدوةٍ بها عنهم ندر))، يعني عن العرب. ويظهر هذا من الجوهريِّ حيث قال:((وقد حمل حذفُ النون بعضَهم-يعني في لَدُ-إلى (١) أن قال: لَدُن غدوةً، فنصب غدوةً بالتنوين)) (٢).
فاقتضى [هذا (٣) أن] بعض العرب هم الذين ينصبون بها غُدْوةً وحدها. وهذا النصبُ حكاه سيبويه (٤) وغيره، ومنه قول كُثَير (٥):
لَدُن ما غدوةً حتى اكتسينا
لِثِنْىِ الليل أَثناء الظلالِ
وقال ذو الرمة (٦):
لَدُن غدوةً حتى إذا امتدَّتِ الضُّحىَ
وَحَثَّ القطين الشِحشحانُ المكلَّفُ
(١) كذا في النسخ. وفي الصحاح: ((على)). (٢) الصحاح، مادة: لدن. (٣) عن أ، س. (٤) الكتاب ١/ ٥١، ٥٨ - ٥٩. (٥) لم أجده في ديوانه، وفي الديوان قصيدة من البحر والروى ٢٢٧ - ٢٣٢. وفي تاج العروس: ((ثِنْى من الليل-بالكسر-أي: ساعة منه، أو وقت منه)). (٦) ديوانه ١٥٦٥، وهو من شواهد ابن يعيش ٤/ ١٠٢، وفي البيان والتبيين ٢/ ٢٧٤، واللسان: شحح، ولدن. والقطين: الخدم. والشحشحان: الجادَ الماضي، وأراد بالمكف: الحادي.