الدلائلُ الصريحةُ من الكتاب والسنّة وإجماع الأمة، قال الله تعالى:(وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ
بَعْضاً) [الحجرات: ١٢] وقال تعالى: (وَيْلٌ لِكُلّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ)(١)[الهمزة: ١] وقال تعالى: (هَمَّازٍ مَشّاءٍ بِنَمِيمٍ)[القلم: ١١] .
١٠٣١ - وروينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: " لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ نَمَّامٌ ".
١٠٣٢ - وروينا في " صحيحيهما " عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مرّ بقبرين، فقال:" إنَّهُما يُعَذَّبانِ ومَا يُعَذَّبانِ في كَبير " قال: وفي رواية البخاري: " بلى إنَّه كَبيرٌ، أمَّا أحَدُهُما، فَكانَ يَمْشِي بالنَّمِيمَةِ، وأما الآخَرُ، فَكانَ لا يَسْتَتِرُ (٢) مِنْ بَوْلِهِ ".
قلتُ: قال العلماء: معنى " وما يُعذّبان في كبير " أي: في كبير في زعمهما، أو كبير تركه عليهما.
١٠٣٣ - وروينا في " صحيح مسلم " وسنن أبي داود والترمذي والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: " أتَدْرُونَ ما الغِيْبَةُ؟ " قالوا: اللَّهُ ورسولُه أعلمُ، قال:" ذِكْرُكَ أخاكَ بِمَا يَكْرَهُ "، قيل: أفرأيتَ إنْ كانَ في أخي ما أقولُ، قال:" إنْ كانَ فِيهِ ما تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ما تَقُولُ فَقَدْ بَهَتَّهُ "(٣) قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
١٠٣٤ - وروينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن أبي بكرة رضي الله عنه، أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال في خطبته يوم النحر بِمنىً في حجة الوداع: " إنَّ دِماءَكُمْ وَأمْوَالكُمْ وأعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، في بلدكم هَذَا ألا هَلْ بَلَّغْتُ؟ ".
١٠٣٥ - وروينا في سنن أبي داود والترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالتْ: قلتُ للنبيّ (صلى الله عليه وسلم) : حسبُك من صفيّة كذا وكذا " قال بعضُ الرواة: تعني قصيرة، فقال: " لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ البَحْرِ لَمَزَجَتْهُ "، قالت: وحكيتُ له إنساناً (٤) فقال: " ما أُحِبُّ أني حَكَيْتُ إنساناً (٥) وأنَّ لي كَذَا وكَذَا " قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(١) قال مجاهد: الهمزة: الطعان في الناس، واللمزة: الذي يأكل لحوم الناس. (٢) روي ثلاث روايات: يستتر، ويستنزه، وكلها صحيحة، ومعناه: لا يتجنبه ويتحرز منه. (٣) من البهت، هو الكذب والافتراء، أي: كذبت وافتريت عليه. (٤) أي ذكرته بما يكره من أفعاله أو أحواله. (٥) أي: بما يكرهه. (*)