وَمَنْ كَانَ فِي سُخطِهِ مُحسِناً … فَكَيفَ يَكُونُ إِذَا مَا رَضِيَ؟
لا يُسَوِّي بَين مَنْ وَحَّدَهُ -وَإِنْ قَصَّرَ فِي حُقُوقِ تَوحِيدِهِ- وَبَينَ مَنْ أَشرَكَ بِهِ.
قَالَ بَعضُ السَّلَفِ: كَانَ إِبرَاهِيمُ ﵇ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لا تُشرِكُ مَنْ كَانَ يُشرِكُ بِكَ بِمَنْ كَانَ لا يُشرِكُ بِكَ.
كَانَ بَعضُ السَّلَفِ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلتَ عَنْ أَهلِ النَّارِ: إِنَّهُمْ أَقسَمُوا بِاللَّهِ جَهدَ أَيمَانِهِم لا يَبعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ (١)، وَنَحنُ نُقسِمُ بِاللَّهِ جَهدَ أَيمَانِنَا: لَيَبعَثَنَّ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ، اللَّهُمَّ لا تَجمَع بَينَ أَهلِ القَسَمَينِ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ.
كَانَ أَبُو سُلَيمَانَ يَقُولُ: إِنْ طَالَبَنِي بِبُخلِي طَالَبتُهُ بِجُودِهِ، وَإِنْ طَالَبَنِي بِذُنُوبِي طَالَبتُهُ بِعَفوِهِ، وَإِنْ أَدخَلَنِي النَّارَ أَخبَرتُ أَهلَ النَّارِ أَنِّي كُنْتُ أُحِبُّهُ.
مَا أَطيَبَ وَصلَهُ وَمَا أَعذَبَهُ … وَمَا أَثقَلَ هَجْرَهُ وَمَا أَصعَبَهُ
في السُّخطِ وَفي الرِّضَى ما أَهيَبَهُ (٢) … القَلبُ يُحِبُّهِ وَإِنْ عَذَّبَهُ!
وَكَانَ بَعضُ العَارِفِينَ (٣) يَبكِي طُولَ لَيلِهِ، وَيَقُولُ: إِنْ تُعَذِّبنِي فَإِنِّي لَكَ مُحِبٌّ، وَإِنْ تَرحَمنِي فَإِنِّي لَكَ مُحِبٌّ.
(١) يشير إلى قوله تعالى: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُون (٣٨)﴾ [النحل].(٢) في نسخة (ب): «في السُّخْطِ والرِّضَى فَمَا أَهْيَبَهُ».(٣) هو: عتبة بن أبان الغلام، أسنده عنه: أبو نعيم في «الحلية» (٦/ ٢٢٦).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute