الوسطى بالأمر بالمحافظة عليها، فقال:{والصلاة الوسطى}(١)، فلم تكن خصوصية الوسطى بالأمر بالمحافظة عليها مخرجاً سائر الصلوات من الأمر العام الذي أمر بالمحافظة على الصلوات " اهـ (٢).
فكأن ابن المنذر يقول مفهوم {والصلاة الوسطى}(٣) الآية، لم يؤخذ ويعارض به منطوق حافظوا على الصلوات.
أو نقول بتعبير آخر: إذا ذكر عموم، ثم ذكر فرد من أفراد العموم يوافق العموم في الحكم، فإن هذا الفرد لا يعتبر مخصصاً ولا مقيداً للعموم.
مثال ذلك: إذا قلنا: أكرم طلبة العلم، فهذا لفظ يفيد عموم الطلبة، ثم قلنا: أكرم زيداً، وكان زيد من طلبة العلم، فإنه لا يفهم منه تخصيص الإكرام لزيد وحده.
فالرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الماء طهور لا ينجسه شىء" هذا عام يشمل القليل والكثير، ثم أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بحديث القلتين، أن الماء الكثير لا ينجس، فهو فرد من أفراد قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الماء طهور لا ينجسه شيء" فلا يقتضي تخصيصه ولا تقييده.
الوجه الثاني: أن يقال: إن الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يعطي حكماً أغلبياً وليس حكماً مطرداً. فالرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: في حديث ابن عمر: "إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث " هل معنى ذلك أنه لا ينجس أبداً؟.
الجواب: لا. إذ لو تغير بالنجاسة لنجس إجماعاً، ولكن معنى لم يحمل الخبث: أي غالباً لا يتغير بالنجاسة.
(١) البقرة: ٢٣٨. (٢) الأوسط (١/ ٢٧٠). (٣) البقرة: ٢٣٨.