وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«إِنَّ إِبْرَاهِيم حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لِأَهْلِهَا، وَإِنِّي حَرَّمْت المَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، وَإِنِّي دَعَوْت فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا بِمِثْلِ مَا دَعَا بِهِ إِبْرَاهِيمُ لِأَهْلِ مَكَّةَ»[مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ](١).
وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «المَدِينَةُ حَرَامٌ (٢) مَا بَيْنَ عَيْرٍ إلَى ثَوْرٍ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ](٣).
هذان الحديثان يتعلقان بالحرم لا الإحرام، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ إبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لِأَهْلِهَا»، وثبت أيضًا في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«إن الله حرم مكة»(٤) ولا منافاة، لأن الله أنشأ التحريم وإبراهيم - عليه السلام - أظهره وبلغه ثم دعا لأهلها.
ثم قال:«وَإِنِّي حَرَّمْت المَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إبْرَاهِيمُ مَكَّةَ» ألا بجري فيها القتال وأن تكون أحكامها كما مر معنا.
وقوله:«وَدَعَا لِأَهْلِهَا» وهو كما ذكر الله تبارك وتعالى من قوله: {وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ ...} الآية [البقرة: ١٢٦] والنبي - صلى الله عليه وسلم - دعا لأهل المدينة وحرمها كما دعا إبراهيم لأهل مكة وحرمها وقال:«وَإِنِّي دَعَوْت فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا بِمِثْلِ مَا دَعَا بِهِ إبْراهِيمُ لِأَهْلِ مَكَّةَ» وبمثلي: أي ضعفي.
ولهذا يوجد من البركة في الطعام في مكة والمدينة ما ليس في غيرهما.
(١) أخرجه البخاري (٢١٢٩)، ومسلم (١٣٦٠). (٢) في بعض النسخ المخطوطة: (حرم). (٣) أخرجه مسلم برقم (١٣٧٠)، وأخرجه البخاري برقم (٦٧٥٥). (٤) رواه البخاري (١٧٣٦، ١٩٨٤)، ومسلم (١٣٥٣).