وقال أيضًا:«صنفت كتابي الجامع في المسجد الحرام، وما أدخلت فيه حديثًا حتى استخرت الله تعالى وصليت ركعتين وتيقنت صحته»(١).
وقال تلميذه الفربري:«سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول: ما وضعتُ في كتاب الصحيح حديثًا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين»(٢).
ورُوي عن بعض الأئمة: أن البخاري صنف صحيحه ببخارى، وقيل: بمكة، وقيل: بالبصرة (٣).
وروى الحافظ ابن عدي عن جماعة من المشايخ أنهم قالوا:«دوَّن محمد بن إسماعيل البخاري تراجم جامعه بين قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنبره، وكان يصلي لكلِّ ترجمة ركعتين»(٤).
وليس بين هذه الأقوال بحمد الله تعارض، والجمع بينها كما قال ابن حجر: «إنه ابتدأ تصنيفه وترتيبه وأبوابه في المسجد الحرام، ثم كان يُخرّج الأحاديث بعد ذلك في بلده وغيرها. ويدل عليه قوله:"إنه أقام فيه ست عشرة سنة"؛ فإنه لم يجاور بمكة هذه المدة كلها» (٥).
ثم قال عن رواية ابن عدي السابقة:«ولا ينافي هذا أيضًا ما تقدم؛ لأنه يُحمل على أنه في الأول كتبه في المسودة وهنا حوله من المسودة إلى المبيضة»(٦).
وقال البخاري:«ما أدخلت في هذا الكتاب -يعني: جامعه- إلا ما صحَّ، وتركت من الصحاح كي لا يطول الكتاب»(٧).
(١) نفس المصدر السابق. (٢) نفس المصدر السابق. وانظر أيضًا: نفس المصدر (ص:٥). (٣) الحطة في ذكر الصحاح الستة للقنوجي (ص:١٧٨). (٤) أسامي من روى عنهم البخاري لابن عدي (ص:٥١ - ٥٢). (٥) هدي الساري لابن حجر (ص:٤٩٠). وقال القنوجي: «وكل هذا صحيح، ومعناه: أنه كان يصنف فيه كل بلد من هذه البلدان، فإنه بقي في تصنيفه ست عشرة سنة. قال الحاكم: قال أبو عمرو إسماعيل حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي قال: سمعت البخاري يقول: أقمت بالبصرة خمس سنين معي كتبي أصنف وأحج في كل سنة وأرجع من مكة إلى البصرة». الحطة في ذكر الصحاح الستة للقنوجي (ص:١٧٨ - ١٧٩). (٦) هدي الساري لابن حجر (ص:٤٩٠). (٧) أسامي من روى عنهم البخاري لابن عدي (ص:٦٢).