القول بمخالفة حديث:(مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا)
لقوله تعالى:{لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}
يقول المشكك:
«وبينما يقول الله بكتابه (١): إن النبي قال لصاحبه في الغار: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}[التوبة:٤٠] تجد الإمام البخاري يرويها في كتابه قائلًا: (مَا ظَنُّكَ (٢) بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا)؟ وكأن القرآن لم يكن موجودًا مع ذلك الإمام حين قام بكتابة تلك السطور الآثمة».
والجواب:
أولًا: أنه لا يوجد تعارض بين قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر - رضي الله عنه - الذي أخرجه عنه البخاري وغيره:(مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا)(٣)؟ وبين قوله - صلى الله عليه وسلم - له الذي حكاه عنه القرآن:{لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}[التوبة:٤٠]؛ لأن معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: (اللَّهُ ثَالِثُهُمَا) أي: الله معنا، وهي نفس معنى قوله:{لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}.
وقد حكى الله تعالى أقوال الكفار وغيرهم ممن لا يتكلمون بالعربية بمعانيها، ولم يحكها عنهم بألفاظهم بل بلفظ القرآن المعجز البليغ؛ لأن ألفاظهم ليست بليغة ولا معجزة.
ثانيًا: يقال لهذا المشكك: إن القرآن الكريم كان حاضرًا وموجودًا مع الإمام البخاري حينما قام بكتابة تلك السطور المنيرة والمضيئة من السنة -وليست الآثمة كما تزعم-، فقد بوب في صحيحه في كتاب التفسير:«باب قوله: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}[التوبة:٤٠]»، ثم ساق الحديث، وفيه: قال أبو بكر - رضي الله عنه - للنبي - صلى الله عليه وسلم -: (يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ رَفَعَ قَدَمَهُ رَآنَا، قَالَ: مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا)(٤)؟
(١) كذا في المنشور. (٢) في المنشور: (ما بالك). وهو في الصحيحين والأربعين النووية: (ما ظنك). (٣) صحيح البخاري، كتاب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب مناقب المهاجرين وفضلهم (٥/ ٤)، رقم (٣٦٥٣)، وصحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب من فضائل أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - (٤/ ١٨٥٤)، رقم (٢٣٨١). (٤) صحيح البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب قوله: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة:٤٠] (٦/ ٦٦)، رقم (٤٦٦٣)، وصحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب من فضائل أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - (٤/ ١٨٥٤)، رقم (٢٣٨١).