وبنحو هذا قال قتادة بن دعامة السدوسي، فقد روى عنه ابن جرير الطبري في معنى الآية السابقة أنه قال:«قوله: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى}[النجم:٣]: «أَيْ: مَا يَنْطِقُ عَنْ هَوَاهُ»، {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}[النجم:٤]، قال:«يُوحِي اللَّهُ - تبارك وتعالى - إِلَى جَبْرَائِيلَ، وَيُوحِي جِبْرِيلُ إِلَى مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -»(١)» (٢).
ورأى بعض أئمة التفسير أن المقصود بالوحي في الآية هو:"القرآن خاصة". وممن قال بهذا:
١ - إمام أهل التفسير في عصره محمد بن جرير الطبري، حيث قال: «يقول تعالى ذكره: وما ينطق محمد بهذا القرآن عن هواه، {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} [النجم:٤]، يقول: ما هذا القرآن إلا وحي من الله يوحيه إليه» (٣).
٢ - أبو محمد عبد الحق بن عطية الأندلسي، حيث قال: «وقوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣)} [النجم:٣] يريد: محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أنه ليس يتكلم عن هواه، أي: بهواه وشهوته.
وقال بعض العلماء: المعنى: وما ينطق القرآن المنزل عن هوى وشهوة. ونسب النطق إليه من حيث تفهم عنه الأمور، كما قال:{هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ}[الجاثية:٢٩](٤). وأسند الفعل إلى القرآن الكريم ولم يتقدم له ذكر؛ لدلالة المعنى عليه.
(١) ذكر السيوطي: أنه أخرجه عنه: عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر. الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي (٧/ ٦٤٢). (٢) جامع البيان عن تأويل آي القرآن لمحمد بن جرير الطبري "المشهور بـ: تفسير ابن جرير، وبـ: تفسير الطبري" (٢٢/ ٤٩٨). (٣) المصدر السابق (٢٢/ ٤٩٧ - ٤٩٨). (٤) وتمام المعنى في الآية: {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ} [الجاثية:٢٩].