(كلُّ أمتي معافًى إلا المجاهرونَ (١)): أي: المعلنون بالمعاصي، المستهزئون بإظهارها، قال السفاقسي: وصوابُه عند البصريين: "المجاهرين" (٢).
قلت: خرجه ابن مالك على أنه مبتدأ محذوفُ الخبر؛ أي: لكن المجاهرونُ بالمعاصي لا يُعافَوْن، قال: وبمثلِ هذا تأولَ الفراءُ قراءةَ بعضهم: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ}[البقرة: ٢٤٩] أي: إلا قليلٌ منهم لم يشربوا.
قال ابن مالك: ولا يعرف أكثرُ البصريين المتأخرين في هذا النوع إلا النصبَ، وقد أغفلوا ورودَه مرفوعاً بالابتداء ثابتَ الخبر؛ نحو: "فأحرموا كلُّهم إلا أبو قتادة لم يُحْرِمْ" (٣)، ومحذوفَه (٤) كما تقدم (٥).
وأقول: فتحُ هذا الباب [الذي فتحه ابنُ مالك يؤدي إلى جواز الرفع في كل مستثنى من كلامٍ تامٍّ موجبٍ؛ مثل](٦): قام القومُ إلا
(١) في "ع" و"ج": "إلا المهاجرين"، وفي "م": "المجاهرين"، ولكن ما بعدها يدل على أن هذه الرواية بالرفع. (٢) انظر: "التنقيح" (٣/ ١١٦١). (٣) رواه البخاري (١٨٢٤)، ومسلم (١١٩٦). (٤) في "ج": "ومحذوف". (٥) انظر: "شواهد التوضيح" (ص: ٤١). (٦) ما بين معكوفتين ليس في "ع".