قلت: ليس مرادُ البخاري أن أبا هريرة يُلحق معهما الحنتمَ والنقيرَ من قَبيلِ نفسِه على أنه رأيٌ رآه، وإنما مرادُه (٣): أنه يلحقهما في روايته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (٤)، لكنه عَلَّقه بصيغة الجزم.
قال الحافظ مغلطاي: رواه ابن سعد (٥) عن محمد بن بشر، ومحمد ابن عبيد عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، بلفظ: نهى (٦) رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُنْبَذَ في المُزَفَّتِ وَالدُّبَّاءِ وَالحَنْتَمِ والنَّقِيرِ (٧).
وإذا ثبت ذلك، استبنْتَ أن ذكرَ الحنتمِ والنقيرِ ليس من كلام أبي هريرة [نفسِه، وإنما هو من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - من طريق أبي هريرة](٨)، فهو مرفوع، وغايةُ الأمر أن البخاري ذكره معلَّقاً، وليس رفعهُ للحديث أولًا من طريق ابن عباس بالذي يوجب عجباً من ذكره ثانياً بصيغة التعليق عن أبي هريرة، فتأمله.
* * *
(١) رواه البخاري (٥٣). (٢) انظر: "التنقيح" (٣/ ١١١٠). (٣) في "ج": "وإنما رآه مراده". (٤) في "ع": "عليه الصلاة والسلام". (٥) في "ع" و"ج": "ابن أسعد". (٦) في "ج": "النهي". (٧) ورواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٥/ ٧٠). (٨) ما بين معكوفتين ليس في "ج".