المدَّعي، وتزكية البينة [أيضاً، وغايةُ ما في الباب: أن المراد: نفيُ الظِّنةِ عنها، وإبطالُ التهمة](١) حتى لا تكون الدعوى عليها مشتبهة، ولا قريبة من الصدق، ويكفي في هذا النوع هذا اللفظ، ولهذا -والله أعلم- التزمَ الموثقون (٢) في الوثائق التي تُكتب بالتبرئة من التُّهم هذه الصيغةَ، فيقولون: لا يعلم شهودُه على فلانٍ إلا خيراً، وقولُ القائل: إنه ربما يُلقي كناسته في الطريق، فيعلم ذلك منه، وإلقاءُ الكناسةِ ليس من الخير، ولا من الشر، يريد القدحَ بذلك في (٣) هذه الصيغة، غيرُ مستقيم؛ فإن المراد بقوله:"ما علمتُ عليه إلا خيراً" باعتبار ما يُسأل عنه، وما علمت شراً، ولابد مع (٤) ذلك من حاطة ما ومباطنة (٥).
ونُقل عن بعض السلف: أنه دُعي إلى الشهادة في مثل ذلك لمن لا يعرفه (٦) ليتخلصَ من ظالم يطلبه، فقال للسائل: قل: لا إله إلا الله، فقالها، فشهد عند ذلك الظالم: أنه لا يعلم على هذا إلا خيراً و (٧) هذا من المعاريض، وإلا، فلابد في جواز مثل هذه الشهادة من خبرة ومباطنة.
وكذلك قوله: لا أعلم له وارثاً، ولا أعلم له مالاً، كلُّه من قبيل واحد.
(١) ما بين معكوفتين ليس في "ع" و"ج". (٢) في "ع": "الموفقون". (٣) "بذلك في" ليست في "ج". (٤) في "ج": "شراً يدفع". (٥) في "ع": "ومناطته". (٦) "لمن لا يعرفه" ليست في "ع". (٧) في "م": "أو".