وهو قريب من قوله -عليه السلام-: "أُمرت بقرية تأكل القرى"؛ لأنها إذا عَلَتْ (١) عليها علوَّ الغَلَبة، أكلتْها، أو يكون المراد: يأكل فضلُها الفضائل [أن يغلبَ فضلُها الفضائل](٢)، حتى إذا قيست بفضلها، تلاشَت بالنسبة إليها (٣)، فهو المراد بالأكل.
ومنه قولُ أبي الطيب:
عَلِيُّ شَرُوبٌ لِلْجُيُوشِ أَكُولُ
يريد: عليٌّ غالبٌ للجيوش، فهم له كالطعمة.
وهو -أيضاً- دليل على فضل المدينة.
وقد جاء في مكة: أنها أم القرى، كما جاء فيم المدينة: تأكل القرى، لكن المذكور للمدينة أبلغُ من المذكور لمكة؛ لأن الأمومة لا يُمحى بوجودها (٤) وجودُ ما هي أُم له، لكن يكون حقُّ الأم (٥) أظهر، وأما قوله: تأكل القرى، فمعناه: أن الفضائل تضمحلُّ في جنب عظيمٍ فضلِها حتى يكاد يكونُ عدماً، وما يضمحلُّ له الفضائلُ أفضلُ وأعظمُ مما تبقى معه الفضائل، ولكن يتضاءل عنه.
* * *
(١) في "ع": "علمت". (٢) ما بين معكوفتين ليس في "ج". (٣) "إليها" ليست في "ع" و"ج". (٤) في "ع": "بجودها". (٥) في "ع": "الإمام".