الأتقياء المتورعين، أصله من مرو من قرية من قراها، وسكن بغداد وإنما لقب بالحافي: لأنه جاء إلى إسكاف يطلب منه شسعا لأحد نعليه، وكان قد انقطع فقال له الإسكاف: ما أكثر كلفتكم على الناس؟ فألقى النعل من رجله وحلف لا يلبس نعلا بعدها، ولد سنة خمسين مائة (١).
قيل له: لم يفرح الصالحون ببيت المقدس؟ قال لأنها تذهب الهم ولا تشتغل (٢) النفس بها. وقال: ما بقي عندي من لذات الدنيا إلا أن أستلقي على جنب تحت السماء بجامع بيت المقدس (٣)، توفي في شهر ربيع الاخر سنة ست، وقيل:
سبع وعشرين ومائتين (٤) ببغداد، وقيل: بمرو.
وذو النون المصري (٥)، أبو الفيض ثوبان بن إبراهيم، الصالح المشهور، أحد رجال الطريقة، قدم بيت المقدس، وقال (٦). وجدت على صخرة بيت المقدس:
كل عاص مستوحش، وكل مطيع مستأنس، وكل خائف هارب، وكل راج طالب، وكل قانع غني، وكل محب ذليل، قال: فرأيت هذه الكلمات أصول ما استعبد الله به الخلق، توفي سنة خمس وأربعين ومائتين (٧).
والسري بن المغلس السقطي (٨)، قدم بيت المقدس، وروى عنه جماعة.
قال (٩): خرجت من الرملة إلى بيت المقدس الشريف (١٠)، فمررت بمشرفة وغدير ماء وعشب نابت، فجلست آكل من العشب وأشرب من الماء، فقلت في نفسي: إن كنت أكلت أو شربت في الدنيا حلالا فهو هذا، فسمعت هاتفا يقول: يا سري فالنفقة التي بلغتك من أين؟ توفي سنة إحدى وخمسين ومائتين (١١).
(١) ١٥٠ هـ/ ٧٦٧ م. (٢) ولا تشتغل أ ب ج: ولا تستعلي هـ: - د. (٣) ينظر: السيوطي، إتحاف ٢/ ٥١. (٤) ٢٠٧ هـ/ ٨٢٢ م. (٥) ينظر: ابن النديم ٥١٧؛ السلمي ١٥؛ الأصفهاني ٩/ ٣٣١ - ٣٩٥؛ البغدادي، تاريخ ٨/ ٣٩٣ - ٣٩٧؛ المقدسي، مثير ٣٥٩؛ السيوطي، إتحاف ٢/ ٥٠. (٦) ينظر: المقدسي، مثير ٣٥٩؛ السيوطي، إتحاف ٢/ ٥٠. (٧) ٢٤ هـ/ ٨٥٩ م. (٨) السري السقطي، أبو الحسن، من كبار المتصوفة، بغدادي، وكان إمام البغداديين، وشيخهم في وقته، ينظر: السلمي ٤٨؛ القشيري ١/ ١٢؛ الأصفهاني، حلية ١٠/ ١١٦؛ الذهبي، سير ١٢/ ١٨٥؛ الزركلي ٣/ ٨٢. (٩) ينظر: السيوطي، إتحاف ٢/ ٥٠. (١٠) الشريف ب: - أ ج د هـ. (١١) ٢٥١ هـ/ ٨٦٥ م.