فكل هؤلاء (١) الجنود لم يقاتلوا لأن النبي، ﷺ، نهى عن القتال، إلا أن خالد بن الوليد لقيه جماعة من قريش فرموه بالنبل ومنعوه من الدخول فقاتلهم خالد فقتل من المشركين ثمانية وعشرين رجلا (٢). فلما ظهر النبي، ﷺ، على ذلك قال:«ألم أنهكم عن القتال»؟ فقالوا له: إن خالد قوتل فقاتل وقتل من المسلمين رجلان.
ودخل النبي، ﷺ، من كداء وهو على ناقته وهو يقرأ سورة الفتح ويرجع.
وكان فتح مكة يوم الجمعة لعشر بقين من رمضان، ودخل رسول الله، ﷺ، مكة وملكها عنوة بالسيف، وإلى ذلك ذهب مالك وأصحابه وهو الصحيح من مذهب أحمد، ﵁(٣). وقال أبو حنيفة والشافعي،﵄: أنها فتحت صلحا. والله أعلم.
ولما دخل النبي، ﷺ، مكة كان على الكعبة ثلاثمائة وستون صنما قد شد لهم إبليس أقدامها برصاص، فجاء ومعه قضيب، فجعل يومئ إلى كل صنم منها فيخر لوجهه فيقول: ﴿جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً﴾ (٨١)(٤) حتى مر عليها كلها.
وأتى إلى النبي (٥)، ﷺ، وحشي (٦) بن حرب قاتل حمزة، ﵁، وهو يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، فقال رسول الله،ﷺ:«أوحشي»؟ قال: نعم، قال:«أخبرني كيف قتلت عمي»؟ فأخبره فبكى وقال:
«غيب وجهك عني»(٧).
ولما دخل رسول الله، ﷺ، مكة كانت عليه عمامة سوداء فوقف على باب الكعبة وقال: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له (٨) صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده». ثم قال:«يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم؟» قالوا: خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم، قال:«اذهبوا فأنتم الطلقاء»(٩)، فأعتقهم رسول الله، ﷺ،
(١) فكل هؤلاء أهـ: وكل هؤلاء ب ج د. (٢) ينظر: ابن هشام ٤/ ٣٧. (٣) ﵁ أ ج هـ: ﵃ ب د. (٤) الإسراء: [٨١]. (٥) وأتى إلى النبي أ ج هـ: وأتى النبي ب د. (٦) وحشي مولى جبير بن مطعم، ينظر: ابن خياط، الطبقات ٣٨؛ ابن سعد ٧/ ٢٩٣؛ ابن حجر، الإصابة ٦/ ٣١٥. (٧) ينظر: ابن عبد البر ٤/ ١٥٦٥. (٨) لا شريك له أ ج د هـ: - ب. (٩) ينظر: ابن هشام ٤/ ٤٠ - ٤١.