قَوْلُهُ: "وَتَبِعَهُ قَوْمٌ بَعْدَ قَوْمٍ"، ابْنُ سَعْدٍ: أَنَا الْوَاقِدِيُّ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: "دَعَا رَسُولُ اللَّهِ إلَى الْإِسْلَامِ سِرًّا وَجَهْرًا، فاستجاب الله من شاء مِنْ أَحْدَاثِ الرِّجَالِ، وَضُعَفَاءِ النَّاسِ حَتَّى كَثُرَ مَنْ آمَنَ بِهِ"١.
قَوْلُهُ: "وَفُرِضَتْ الصلاة عليه بـ"مكة"، هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ حَدِيثِ الإسراء؛ لأنه كان بـ"مكة" بِاتِّفَاقِ الْأَحَادِيثِ.
قَوْلُهُ: "وَفُرِضَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ بَعْدَ سَنَتَيْنِ"، هَذَا تَبِعَ فِيهِ الْقَاضِيَ أَبَا الطَّيِّبِ وَصَاحِبَ "الشَّامِلِ"، وَجَزَمَ فِي "زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ" أَنَّهُ فُرِضَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَفُرِضَتْ زَكَاةُ الْفِطْرِ مَعَهُ قَبْلَ الْعِيدِ بِيَوْمَيْنِ، وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَزَادَ: أَنَّهُ صَلَّى فِيهَا الْعِيدَيْنِ: الْفِطْرَ، وَالْأَضْحَى؛ وَهَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ شَيْخِهِ الْوَاقِدِيِّ، مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي سَعِيدٍ؛ قَالُوا: "نَزَلَ فَرْضُ رَمَضَانَ بعد ما صُرِفَتْ الْقِبْلَةُ إلَى الْكَعْبَةِ بِشَهْرٍ فِي شَعْبَانَ، عَلَى رَأْسِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا مِنْ مُهَاجَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُمِرَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ؛ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الزَّكَاةُ فِي "الْأَمْوَالِ"، وَصَلَّى يَوْمَ الْفِطْرِ بِالْمُصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ، وَصَلَّى الْعِيدَ يَوْمَ الْأَضْحَى، وَأُمِرَ بِالْأُضْحِيَّةِ"٢.
قَوْلُهُ: "وَاخْتَلَفُوا: هَلْ فُرِضَتْ الزَّكَاةُ قَبْلَ الصَّوْمِ أَوْ بَعْدَهُ".
قُلْت: تَقَدَّمَ قَوْلُ مَنْ قَالَ بَعْدَهُ، وَأَمَّا قَبْلَهُ: فَقِيلَ: قَبْلَ الْهِجْرَةِ.
قَوْلُهُ: "وَفُرِضَ الْحَجُّ سنة ست، وقيل: سَنَةِ خَمْسٍ"، تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: "وَكَانَ الْقِتَالُ مَمْنُوعًا مِنْهُ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ"، تَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي "الْحَجِّ".
قَوْلُهُ: "وَلَمَّا هَاجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْمَدِينَةِ وَجَبَتْ الْهِجْرَةُ إلَيْهَا عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ؛ اسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا؟ ... } الآية [النساء: ٩٧] .
قَوْلُهُ: "فَلَمَّا فُتِحَتْ "مَكَّةُ" ارْتَفَعَتْ فَرِيضَةُ الْهِجْرَةِ عَنْهَا إلَى الْمَدِينَةِ، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ قَوْلُهُ: "لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ"، هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ٣، وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "انْقَطَعَتْ الْهِجْرَةُ مُنْذُ فَتَحَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ "مَكَّةَ" ٤.
١٨٢٢- قَوْلُهُ: "وَبَقِيَ وُجُوبُ الْهِجْرَةِ عَنْ دَارِ الْكُفْرِ فِي الْجُمْلَةِ"، هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّعْدِيِّ رَفَعَهُ: "لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا قُوتِلَ الْعَدُوُّ"، رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ
١ أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" [١/ ١٥٦] .
٢ أخرجه ابن سعد [١/ ١٩١] .
٣ تقدم قريباً.
٤ تقدم قريباً.